الصحة نعمةٌ عظيمة يصفها الناس أنّها تاجٌ على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا من يُعاني من فقدانها، وتكمن أهمية الصحة للإنسان بأنّ الحفاظ عليها يمنع شعوره بالألم، ويُحافظ على طاقته وقدراته الجسدية والعقلية، كما أنّ الشخص الذي يتمتع بصحة كاملة يكون قادرًا على الإنتاج والتميز والإبداع أكثر من الشخص الذي يُعاني من نقصٍ في صحته، ومن فضل الله تعالى أن منح جسم الإنسان جهاز مناعة قويًّا يحميه من الأمراض ويقلل من احتمالية الإصابة بها، وهذا يدلّ على أهمية أن يكون الشخص بصحة جيدة حتى يستطيع القيام بواجباته في الحياة على أكمل وجه، ويكون عنصرّا فاعلًا، لأنّ المرض يُضعف الهمّة، ويثني الشخص عن القيام بمهامه اليومية. الاهتمام بصحة الإنسان مسؤولية الفرد نفسه أولًا، ومن ثم مسؤولية الدولة التي يجب أن توفر العلاج اللازم لكلّ من يُعاني من الأمراض، ومن واجب الشخص أن يُراجع الأطباء وأن يأخذ الدواء اللازم إذا شعر بأيّ خلل في صحته، لأنّ الامتناع عن العلاج يعني تفاقم الألم والمرض، ومن جهة أخرى فإنّ الحفاظ على الصحة يُوفر على الإنسان الكثير من العواقب المادية والمعنوية، فعلاج الأمراض مكلف، والدواء يحتاج إلى شراء، وكما يقولون فإنّ درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، لهذا فإنّ الاهتمام بالصحة قدر الإمكان وتجنب الأمراض أفضل بكثير من إهمال الصحة، وتلقي العلاج الذي قد يكون مكلفًا وطويلًا وله أعراض جانبية. الاهتمام بالصحة يُشغل الشخص بأمورٍ مفيدة له ولمجتمعه بدلًا من أن ينشغل بعلاج الأمراض الناتجة عن الإهمال، كما يفتح الآفاق أمام الشخص حتى يتولى مسؤوليات أكبر، ويُحرز تقدمًا أفضل في جميع مجالات الحياة ويكون شخصًا ناجحًا، إذ إنّ الكثير من الوظائف والأعمال تتطلب أن يكون الإنسان بكامل صحته الجسدية والعقلية حتى يؤديها على أكمل وجه، ويمنع إصابته بالعجز أو الحاجة للآخرين، كما أنّ الشخص المُحافظ على صحته هو شخص مقبول اجتماعيًا بشكلٍ أكبر، خاصة إذا كان يُعاني من مرضٍ معدِ، فالناس ينفرون من الشخص المريض بالأمراض المعدية خشية الإصابة بنفس المرض، ويمتنعون عن مخالطته خوفًا على صحتهم.
ما عواقب الإهمال بالصحة؟
الإهمال بالصحة يُؤدي إلى عواقب وخيمة، أهمها تدهور حالة الجسم وتراجع قدرة جهاز المناعة، ويُمكن أن يخسر الشخص أجزاء من جسده بسبب هذا الإهمال، فبعض المرضى المصابين بالسكري مثلًا يتسبّب إهمالهم لصحتهم ببتر القدم، كما أنّ إهمال الكشف المبكّر عن بعض الأمراض مثل السرطان يُسبّب وصول المرض إلى مراحل متقدمة يصعب السيطرة عليها، وقد يُسبب إهمال الصحة في حدوث أعراض نفسية مُصاحبة للأعراض الجسدية، وهذا يزيد الأمرُ سوءًا، فالأمراض مثل عود الثقاب الذي إن لم يُطفأ في بدايته ويُعالج بطريقة صحيحة، فإنه سيسبب أمراض أكثر يصعب السيطرة عليها بسرعة. في بعض الأحيان يُهمل الشخص صحته بسبب عدم توفر الوقت اللازم للعناية بالصحة، يعود هذا إلى الانشغال بالعمل أو الدراسة، أو قد يكون الإهمال نتيجة التكاسل عن مراجعة الأطباء، وإهمال الكشف الدوري عن الأمراض وإجراء الفحوصات الروتينية، وفي هذه الحالة يكون الشخص مقصرًا في حق نفسه ويُلقي بها إلى التهلكة، لأن كل شخص مسؤول عن صحته، أما الأطفال وكبار السن فإنّ الأهل هم المسؤولون عن العناية في صحتهم، ومن واجب الدولة أن توفر العلاج لجميع الأشخاص، وتحثهم على الاعتناء بصحتهم، وتجنب الممارات الخاطئة التي تُسبب الأمراض مثل تناول الطعام غير الصحي أو الملوث، لأنّ الغذاء جزءٌ من الدواء، والمعدة بيت الداء. يكون الشخص مهملًا بصحته إذا أصابه المرض ولم يُراجع الأطباء لتشخيص حالته، وإذا لم يتناول الغذاء الصحي الذي يقوي مناعته ويجعل جسمه أكثر قدرة على مقاومة الأمراض، وإذا مارس العادات الضارة التي تُدمر جسمه وأدمن عليها دون أن يفكر في تغييرها، سواء كان ذلك بالكسل والخمول وعدم النوم بكمية كافية، أم بسبب الإدمان على التدخين، لهذا فإنّ إهمال الصحة موضوع متشعب يشمل الكثير من الأمور التي يجب تجنبها، وفي الوقت نفسه يجب مراعاة النظام الغذائي للجسم، وتنظيم النوم وممارسة الرياضة، وإجراء الفحوصات الدورية.
كيف نحافظ على صحتنا؟
يُمكننا الحفاظ على صحتنا باتباع تدابير الوقاية اللازمة التي تقوي مناعة الجسم وتجعله أكثر مقاومة، والحفاظ على الصحة عملية متكاملة تبدأ من بدء الحياة إلى آخر يومٍ فيها، وأيّ إهمال قد يُسبب عوارض مرضية كثيرة، فالأم التي تحمل طفلًا في أحشائها تتحمل مسؤولية مضاعفة، وهي صحة جنينها وصحتها، لهذا تتناول الغذاء الصحي والمكملات الغذائية لضمان سلامة جنينها، ولإنجاب طفل سوي صحيًا وعقليًا، وبعد ولادة الطفل يكون الحفاظ على صحته بإعطائه جميع المطاعيم واللقاحات اللازمة لوقايته من الأمراض، والاهتمام بتغذيته بشكلٍ سليم، وفحصه بشكلٍ دوري. كلما كبر الإنسان يُصبح من واجبه الاعتناء بصحته بشكلٍ أكبر، خاصة إذا كان هناك تاريخ للإصابة بالأمراض الوراثية في العائلة مثل أمراض القلب والسكري، وفي هذه الحالة يجب اتّباع نمط حياة معيّن لتجنب الإصابة بهذه الأمراض قدر الإمكان، وحفاظنا على صحتنا الجسدية مرتبطٌ بحفاظنا على صحتنا النفسية أيضًا، لأنّ الكثير من الأمراض النفسية تُؤدي إلى زيادة التوتر والضغط النفسي، وهذا بدوره يُحفز الإصابة بأمراض جسدية كثيرة بدءًا من الإصابة بالصداع، وانتهاءً بأمراض خطيرة، والعكس صحيح أيضًا، لهذا فإنّ الحفاظ على الصحة يُشكّل منظومة متكاملة من العناية والرعاية، أما إهمالها فهو بمثابة انتحار، خاصة إذا لم يهتم الشخص بوصايا الأطباء وتعليماتهم. لأجل أن يكون الحفاظ على الصحة غاية، يجب زيادة حملات التوعية الصحية، وتنبيه الناس إلى الأمراض المحتملة التي قد يتعرضون لها، خاصة الأمراض الأكثر انتشارًا مثل الأمراض المزمنة، كما يجب على الدولة توفير المرافق الصحية المتطوّرة، والاهتمام بتدريب الأطباء وتوفير الأجهزة اللازمة لرعاية المرضى على أكمل وجه، وبفضل الله فإنّ التطوّر العلمي أسهم بشكلٍ إيجابي في زيادة الوعي الصحي، وتنبيه الناس إلى كيفية العناية بصحتهم بالشكل الصحيح، وابتعادهم عمّا يُسبب لهم الأمراض، حتى أنّ معظم الدول بدأت بفرض القوانين التي تمنع الإصابة بالأمراض مثل: منع التدخين في الأماكن العامة، وارتداء الكمامات في وقت انتشار الأمراض المعدية، ونشر الثقافة الصحية عبر وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي. في الوقت الحاضر تتولى منظمات دولية مسؤولية نشر الوعي الصحي في جميع دول العالم، وأبرزها منظمة الصحة العالمية التي تسعى لأن يكون لدى الناس وعي صحي وقدرة على مواجهة الأمراض، والعمل على توفير العلاج للأشخاص المحتاجين، فالحصول على العلاج والتأمين الصحي من أبسط الحقوق التي يجب أن تتوفر لكلّ إنسان، لأنّ الصحة أهم الأشياء التي يُسبب غيابها تعاسة كبيرة وآلامًا كثيرة، لهذا يعدّ التطوّر الطبي في الدول والاهتمام بالرعاية الصحية مؤشرًا على تطوّر الدولة وتقدمها، لأنّ الدولة التي توفر أفضل سبل العلاج لأبنائها فإنها تقدم لهم أفضل طرق الرفاهية التي تجعلهم يُحافظون على نفسهم وصحتهم، ويحصلون على العلاج المناسب عندما يحتاجونه. الحفاظ على الصحة لا يكون بالكلام والنصائح فقط، بل يكون بالأفعال وتطبيق النصائح وتحويلها إلى واقع ملموس، بحيث يكون أسلوب حياة يُمارسه الناس يوميًا، سواء في طريقة غذائهم أم في طريقة حياتهم ونومهم وتعاملهم مع جميع الأشياء، أمّا من يُهمل صحته سيعيش الندم الذي قد لا ينفعه أبدًا، خاصة أنّ الإهمال المتراكم بالصحة له عواقب غير محمودة، بينما الاهتمام بالصحة هو الطريقة الصحيحة لتجنب الكثير من الآلام والمتاعب، ومن حق الإنسان على نفسه أن يوليها كلّ الرعاية والاهتمام من جميع النواحي، فالعقل السليم في الجسم السليم. الكثير من الأشخاص لديهم استعداد لدفع جميع ثروتهم مقابل أن يكونوا أصحاء، فالجسم المريض لا يستمتع بصرف المال، بل قد يُقعده المرض عن ممارسة أبسط الأنشطة في حياته، ولا يستطيع الإنسان أن يشعر بالفرح وهو يُعاني من المرض، فالصحة هي رأس المال الذي لا يُعوض، ومن يمتلكها يمتلك الأمل، فالصحة جزءٌ من الرزق الذي يهبه الله تعالى للإنسان، ويجب أن يُحافظ عليه وألّا يهمله حتى لا يتحاسب على هذا الإهمال، ومن أراد أن يتمتّع بجسمٍ سليم وصحة قوية فعليه أن يحرص على اتباع كلّ الطرق التي تجعله سليم الجسم خاليًا من الأمراض، وأن يبتعد عن كلّ ما يُسبب له الضرر. الأهم من هذا كلّه ألّا يُحاول الإنسان التعدّي على اختصاص الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية، وألّا يستعين بالوصفات المشكوك بأمرها لعلاج الأمراض، لهذا يجب أن يسأل الأشخاص المختصين بالعلاج عن الأعراض الصحية التي يشعر بها حتى لا يقع في الخطأ، ومعرفة كل ما يتعلق بالدواء والغذاء، ويكون هذا بالاطلاع الدائم على الممارسات الصحية الإيجابية التي تُعزز الوعي لدى الأفراد والمجتمع بأكمله.