هو أمل الشعوب؛ من أجل التمتع بالرفاهية، والتي تتمثل في تحقيق الراحة بشتَّى صورها لبني البشر، وإيجاد الحلول لمختلف المُعضلات التي تتعرض لها المجتمعات، سواء على الجانب العلمي أو المجتمعي، ولا شك في أن معيار تحضر الأمم يُقاس بمدى اهتمامها بالبحث العلمي، وما يتم إنفاقه من ماديات في سبيل إقامة دولة العلم، وفي هذا المضمار تشير الدراسات إلى أن تقدم الدول يتناسب طرديًا مع تطور البحث العلمي، ومدى الاهتمام به من جانب المسؤولين، وسوف نجيب في هذا المقال عن التساؤل المطروح في صدر المقال المتمثل في "ما هو البحث العلمي؟"، مع إجابة عدد من الأسئلة المرتبطة بالبحث العلمي.
يُعرف البحث العلمي اصطلاحيًا بأنه: "مجموعة من الإجراءات النظامية التي ينتهجها الباحث أو الدارس؛ من أجل التعرف على جميع الجوانب المتعلقة بموضوع أو إشكالية علمية، والهدف النهائي هو حل تلك المشكلة".
ما أهمية البحث العلمي على مختلف المستويات؟
أهمية البحث العلمي بالنسبة للدارس: يُصقل البحث العلمي من مهارات الدارس، ويتعرف على الكثير من المعلومات التي تساعده في التميز عن أقرانه من الباحثين العلميين، كما أنه وسيلة لتبوؤ المكانة العلمية والأكاديمية المُناسبين، بالإضافة إلى تزايد الفرصة في الحصول على عمل بمبلغ مالي مُرضٍ وفقًا لتخصص البحث.
أهمية البحث العلمي بالنسبة للحياة المجتمعية: تطور المجتمع في أولويات البحث العلمي وهو الهدف العام؛ من خلال توفير حلول إبداعية لم يتطرق إليها الآخرون لمعالجة القضايا التي تنشأ في حياة الأفراد، ومن ثم تسهيل الكثير من الأمور على كل الجوانب، ومن أبرز الألفاظ التي قيلت عن البحث العلمي هو أنه "ذراع المجتمع التي لا تنطوي"، فالكباري المرتفعة والطرق السريعة والقنوات الملاحية والمستشفيات الكبرى.... هي نتاج البحث العلمي البنَّاء.
ما الخطوات المتبعة لإعداد البحث العلمي بالتفصيل؟
هناك العديد من الخطوات التي يجب أن يتبعها الدارس الأكاديمي؛ من أجل تنفيذ البحث العلمي وسوف نفصلها كما يلي:
طبيعة مشكلة البحث العلمي:
في بداية إجراء البحث العلمي يجب على الدارس أن يتطرق لمشكلة محددة وواضحة المعالم، ويرى الباحث أنه يمكن أن يقوم بتفصيلها ودراستها ومن ثم حلها، وفي الغالب تكون تلك المشكلة نتاج لتجارب الباحث في العمل أو الحياة بشكل عام، وينبغي أن تكون تلك المشكلة متعلقة بمجال الباحث، وذلك الأمر من البديهيات العلمية؛ حتى يستطيع أن يُبدع ويحمل الجديد من خلال البحث العلمي.
تدوين مقدمة البحث العلمي:
تُعد المقدمة هي البوابة أو المدخل لدراسة إشكالية البحث العلمي بأسلوب منهجي، ويجب أن تكون المقدمة مختصرة وواضحة، وتحمل الأهمية الخاصة بموضوع الدراسة أو البحث، مع إمكانية تدوين أي قرآنية أو حديث نبوي أو قول مأثور، وينبغي أن يكون ذلك في نفس إطار موضوع البحث العلمي، مع إمكانية أن يشير الدارس من خلال رؤيته الخاصة لجزء من حلول المشكلة بطريقة شيقة تسوق القارئ لمتابعة إجراءات البحث.
أهداف البحث العلمي:
وأهداف البحث العلمي تتمثل فيما يأمل الباحث في تحقيقه في ختام البحث، فعلى سبيل المثال لا الحصر في حالة دراسة مشكلة تتعلق بالعنف ضد النساء، يكون الهدف الأساسي هو التعرف على مُسببات تلك المشكلة، وطريقة علاجها.
تساؤلات أو فرضيات البحث العلمي:
تساؤلات البحث العلمي: وفي الغالب يكون ذلك في الأبحاث الاجتماعية ذات الصلة بالعلوم الإنسانية والتي تتعلق بدراسة الظواهر الاجتماعية السلبية مثل: إدمان المخدرات أو العنف ضد النساء أو الأطفال.... إلخ ، وتلك الأسئلة تحتوي على متغير واحد فقط مستقل يقيس من خلاله الباحث نسبة وجود المشكلة من عدمه، وفي النهاية يضع الباحث عديدًا من الحلول الجذرية التي تنم عن إبداعه الفكري بعد تحليل المشكلة.
فرضيات البحث العلمي: ويتم استخدام فرضيات البحث العلمي في الأبحاث ذات الصبغة العلمية، وتكون في صورة فرضية واحدة أو أكثر من فرضية، حسب درجة التعمق في موضوع البحث العلمي، وكل فرضية تتضمن متغيرًا مستقلًا وتابعًا، وينبري الباحث العلمي عبر خطوات البحث في إيجاد العلاقة بين تلك المتغيرات، والهدف في النهاية هو إيجاد نتائج وفقًا لبراهين واضحة، ثم وضع حلول المشكلة.
التدقيق اللغوي والنحوي
اشتقاق المعلومات المتعلقة بالبحث العلمي:
بعد أن يقوم الباحث أو الدارس بوضع الفرضيات يبدأ رحلة البحث عن المعلومات من مصدرين كما يلي:
المصدر الأول يتمثل في المراجع والكتب أو النشرات العلمية أو أقوال الخبراء أو المقالات ذات الصلة بمشكلة البحث، وتتوافر في الوقت الحالي عشرات الآلاف من الدراسات على الشبكة العنكبوتية، ومن الممكن أن يطالعها الباحث في أي وقت، مع التأكد من مدى مصداقيتها من خلال تتبع المراجع الأصلية، ومن المهم عند الشروع في تدوين متن البحث العلمي أن يتم كتابة جميع المراجع التي استعان بها الباحث العلمي، من باب الأمانة العلمية، ونسب الفضل لأصحابه.
المصدر الثاني ويكون ذلك عن طريق عينات الدراسة وفقًا لأدوات دراسية منهجية يختار منها الباحث ما يناسب مادة البحث العلمي.
اختيار المنهج العلمي للبحث:
وتختلف نوعية المنهج العلمي المتبع حسب طبيعة البحث العلمي، ومن أشهر المناهج المتبعة في الأبحاث الاجتماعية المنهج الوصفي والذي يهدف إلى التعرف على سلوكيات وصفات الأفراد محل الدراسة، والمنهج التجريبي المتبع في دراسة الأبحاث ذات الصلة بالعلوم الطبيعية مثل الفيزياء والكيمياء والهندسة، والمنهج التاريخي الذي يسهم في تتبع مشكلة في الماضي ودراسة تطورها في الحاضر، ومن ثم التنبوء بالسلوكيات المستقبلية، لمحاولة تلافي السلبيات التي تتعلق بتلك المشكلة وعلاجها.
كتابة متن البحث العلمي:
تأتي تلك المرحلة بعد جمع المعلومات واختيار المنهج المناسب بالنسبة للبحث العلمي، وهي من أكبر مراحل البحث العلمي، ومن المهم أن تتم تجزئة المتن إلى أبواب وفصول ومباحث على أن يحمل كل جزء الجديد دون تكرار للأفكار، ويجب أن يتسم المتن بالوضوح والمنهجية بعيدًا عن أي وجهات نظر شخصية للباحث، مع تطوير منحنى البحث صعودًا؛ من أجل الوصول لنتائج مقنعة.
تدوين نتائج البحث العلمي:
وهي من أهم الجزئيات في البحث العلمي، ويجب أن تكون واضحة ومعبرة عن كامل المعلومات المُفندة في البحث، وتحمل في طياتها الإجابة عن التساؤلات أو الفرضيات، وهي من أكثر الأجزاء التي يطالعها القارئون أو المقيمون في البحث العلمي، ومن دونها لا يستقيم البحث.
اقتراح التوصيات:
وهي عبارة عن مجموعة من الحلول التي تساهم في علاج مشكلة البحث العلمي، وكلما كانت الدراسة محيطة بجميع جوانب البحث ومتعمقة، كلما ساهم ذلك في وضع التوصيات المناسبة، وهي تختلف من باحث لآخر، ومن الممكن أن نطلق عليها المرحلة الإبداعية التي تحمل الجديد بالنسبة للبحث العلمي، وهي معيار التفوق بين باحث وآخر.
العروض التقديمية
خاتمة البحث العلمي:
وينبغي أن تكون الخاتمة مختصرة مثل المقدمة على أن يسوق فيها الباحث العلمي ما قام به جهود علمية؛ من أجل ظهور البحث بتلك الطريقة، ويجب أن يكون ذلك بأسلوب إنشائي متواضع.