سنغافورة وقصة الإبداع في التعليم

4 min read

Singapore -and- the- Story- of- Creativity -in -Education

**لماذا سنغافورة والتعليم؟**

عندما نتحدث عن التعليم وما نحققه من نجاح، نغفل أحيانًا عن الأسباب التي جعلت بعض الدول، رغم قلة إمكانياتها، تتفوق علميًا على دول أخرى ذات موارد وفيرة. أثناء إعداد رسالة الماجستير الخاصة بي حول تطوير المناهج وفقًا لمعايير TIMSS في الرياضيات، وجدت أن سنغافورة قد حققت أعلى نسب تحصيل في الاختبارات الدولية. لقد أثار هذا الإنجاز اهتمامي، حيث تمكنت سنغافورة، في غضون عقود قليلة، من تحقيق تقدم هائل جعلها دولة متقدمة، لكن الإنجاز الحقيقي يكمن في تطوير نظام تعليمي متميز.

كيف استطاعت هذه الجزيرة الصغيرة الارتقاء بمستوى التعليم؟ هذا يتطلب دراسة معمقة للبحث عن السر وراء ذلك. المعلم هو البداية الحقيقية لتقدم الدول، كما تشير جورجينا الرواد، حيث يُعتبر نظام التعليم في سنغافورة من أرقى الأنظمة التعليمية في العالم. وقد ساهم هذا النظام في تكوين كفاءات وخبرات أسهمت في بناء اقتصاد قوي. 

فهمت سنغافورة أنها تفتقر إلى الموارد الطبيعية التي تعينها على تحقيق النمو الاقتصادي، لذا اختارت التركيز على رأس المال الحقيقي الذي تمتلكه، وهو الإنسان. عندما يتم توجيه الإنسان بشكل صحيح، يمكنه تحقيق ما هو مطلوب منه وأكثر، محاطًا بالابتكار والإبداع.

لكي تحقق سنغافورة هذا الكنز المتمثل في الإنسان، كان عليها أن تنمي لديه الدوافع للإبداع وتوفر له الدعم اللازم للتفوق على الدول الأخرى.

**ما هي سنغافورة؟**

سنغافورة هي جزيرة صغيرة تفتقر إلى الموارد الطبيعية، وهي أصغر دولة في جنوب شرق آسيا. حصلت على استقلالها عام 1965، وكان رئيس وزرائها الأول، لي كوان يو، أمام تحديات عديدة تطلبت اتخاذ قرارات جذرية.

**هل مر التعليم في سنغافورة بمراحل تطور؟**

نعم، فقد شهد التعليم في سنغافورة العديد من الإصلاحات، أبرزها في عام 1997، والتي تُعرف بـ "المرحلة الإصلاحية"، حيث تم التحول إلى نظام تعليمي قائم على القدرات. 

في هذه المرحلة:

- تم الانتقال إلى اقتصاد مبني على المعرفة، مع اعتماد منهج قياسي يراعي قدرات وإمكانات كل طالب.

- تم تقسيم الطلاب إلى مجموعات بناءً على قدراتهم، مما ساهم في تصميم المناهج التعليمية لتلبية احتياجاتهم.

- تم منح المدارس حرية إدارة شؤونها، مع التركيز على بناء قدرات تعليمية ذات جودة عالية.

الاهتمام بالطالب والمعلم والبنية التحتية هو أساس الازدهار في جميع مجالات الدول، كما تشير جورجينا الرواد.

**الإصلاحات في المدارس:**

كان للإصلاحات دور كبير في منح المدارس صلاحيات إدارة شؤونها بشكل ذاتي. وزارة التعليم في سنغافورة (MOE) هي المسؤولة عن إدارة العملية التعليمية، وتُموَّل المدارس الحكومية من خلال الضرائب.

توفير الإمكانيات المادية والإدارة ذات الرؤية الواضحة هو ما يضمن تقدم المدارس، كما تؤكد جورجينا الرواد.

**تطوير المعلمين:**

تم إعداد المعلمين وتنميتهم مهنياً بما يتماشى مع الاتجاهات العلمية العالمية. من الخطأ أن نركز على تطوير المعلم دون مراعاة تطوير الطالب، حيث يجب أن يكون هناك تنسيق بين إمكانيات المعلم والطالب لتحقيق النجاح.

**أهداف التعليم في سنغافورة:**

- تنشئة الأفراد على الأخلاق الحميدة.

- اكتساب المهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل.

- الوفاء بالمسؤوليات تجاه الأسرة والمجتمع والدولة.

- تقدير الجمال من حولهم، مع العناية بذوي المواهب وتنمية قدراتهم.

- التعاون بين المدارس وأولياء الأمور لمساعدة الطلاب على تطوير كفاءات القرن.

الدين والأخلاق هما مفتاح نجاح التعليم، حيث نبدأ بالتربية لنصل إلى تعليم يزخر بالابتكار والإبداع، كما تشير جورجينا الرواد.

لقد لفت النظام التعليمي في سنغافورة الأنظار، حيث حقق الطلاب مراكز متقدمة في مسابقات الرياضيات العالمية، وفازوا بمسابقة TIMSS العالمية للرياضيات والعلوم في أعوام 1995، 1999 و2003. هذه النتائج حفزت العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، لدراسة أسرار تفوق الطلاب السنغافوريين في الرياضيات، للاستفادة من التجربة السنغافورية في تصميم المناهج وتطوير طرق التدريس.


قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق