قصة رأس المال الأمريكي وخدعة الدولار الأمريكى |
قصة رأس المال الأمريكي وخدعة الدولار الأمريكى
في هذه الأثناء يستغل موظف الاستقبال الفرصة ويأخذ المائة دولار ويذهب مسرعًا للجزارليدفع دينه.
الجزار يفرح بهذه الدولارات ويسرع بها لتاجرالماشية ليدفع باقي مستحقاته عليه.
تاجر الماشية بدوره يأخذ المائة دولار ويذهب بها إلى تاجر العلف لتسديد دينه .
تاجر العلف يذهب لعاهرة المدينة لتسديد ما عليه من مستحقات متأخرة ... غني عن الذكر أنها هي أيضاً أصبحت تعرض خدماتها عن طريق السلف نسبة إلى الظروف الاقتصاديةالصعبة.
عاهرة المدينة تركض مسرعة لفندق المدينة (حيث يعمل موظف الاستقبال في أول القصة) والتي تستأجر فيه الغرف الخاصة لخدمة زبائنهاوتعطي لموظف الاستقبال المائة دولار.
موظف الاستقبال يعود ويضع المائة دولار مرة أخرى مكانها على الكاونتر قبل نزول السائح الثري من جولته التفقدية.
ينزل السائح والذي لم يعجبه مستوى الغرف ويقرر أخذ المائة دولار ويرحل عن المدينة ... ولا أحدمن سكان المدينة كسب أي شيء. !!!!!!!!!
هكذا ، أيها السيدات والسادة ، تدير حكومة الولايات المتحدةالأمريكية اقتصاديات العالم !!!
ولكن بنظرة اخرى إلى أنفسنا .......
هل هناك من يتفضل علينا دون أن يكون قد اعطانا شيئا في النهاية ......ليبقى هو المفضل ونحن السائلين ...
ما هي قصة الدولار الأمريكي؟
الدولار
تمّ إنشاء الدولار الأمريكي عام 1792م، آنذاك لم يكن مجرّد عملة ورقية، بل كان على شكل 3 فئات، الفئة الأغلى كانت مصنوعة من الذهب، والأقل منها قيمةً كانت مصنوعة من الفضة والأخيرة كانت مصنوعة من النحاس. تمّ اعتماد هذه العملة في 1792 كالعملة الرسمية للولايات المتّحدة.
استمر العمل بهذا النظام المالي إلى العام 1861 حيث اندلعت الحرب الأمريكية الأهلية بين الشمال والجنوب، آنذاك احتاجت حكومة الشمال المركزية المزيد من الأموال من أجل خوض الحرب ولم تكن ترغب بخسار كلّ ما لديها من الذهب والفضّة. مما دفعها إلى إنشاء العملة الورقية (الدولار الأمريكي بشكله الأخضر الحالي) عام 1862 وبدأت بطباعتها، بنهاية الحرب الأمريكية كان هناك 461 مليون دولار أمريكي مطبوع.
آنذاك لم تكن العملة مغطاة بالذهب (المقصود بالتغطية بالذهب هو أن يكون بمقدورك استبدال العملة الورقية بالذهب متى ما أردت ذلك حيث أنّ العملة الورقية تكون قيمتها ذهبًا)، إلّا أن الكونجرس الأمريكي جرّم من يرفض التعامل بالدولار الأمريكي آنذاك وفرض التعامل بها. كان الدولار حينها مجرّد ورقة نقدية كثقة بينك وبين الحكومة، ولم يكن يساوي شيئًا في الواقع حيث أنّه ليس مغطىً بالذهب.
إلّا أنّه وفي عام 1879 وبعد حصول تضخّم هائل في الولايات المتّحدة وخسارة الدولار الأمريكي لجزء كبير من قيمته، تمّ تغطية الدولار الأمريكي بالذهب; حيث صار بمقدور الناس استبدال الدولارات الأمريكية الخضراء بالذهب متى ما أرادوا ذلك مما خفّض التضخّم وأنعش الاقتصاد.
في عام 1929م حصل الكساد العظيم (أزمة اقتصادية عالمية استمرت لسنوات)، مما دفع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلى إلغاء تغطية الدولار بالذهب عام 1933م ولكنّه أعاد تغطية الدولار بالذهب عام 1934م مع تعديلٍ نسبي لسعره للتخلص من إرهاصات تلك الأزمة. استمر الأمر على ما هوّ عليه إلى حين حصول اتفاقية Bretton Woods.
ما هي اتفاقية Bretton Woods؟ وما أهمّيتها؟
الدولار
قبل أن تخرج الولايات المتّحدة منتصرةً من الحرب العالمية بعامٍ واحد، بدأت تعمل على إنشاء نظامٍ عالمي جديد وبالتالي إنشاء نظام عالمي اقتصادي جديد، تكون الولايات المتّحدة والدولار الأمريكي رأس الهرم فيه. وقد حصل ذلك عن طريق اتفاقية Bretton Woods سنة 1944م.
حضر هذه الاتفاقية 44 دولة من حول العالم، واستمر انعقاد المؤتمر لأكثر من 22 يومًا، تمّ فيه توقيع عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنظم التجارة العالمية الدولية بالإضافة إلى تطبيق بعض الشروط والقيود عليها. أهمّ نتائج المؤتمر كان اعتماد الدولار الأمريكي كمرجعٍ رئيسي لتحديد سعر عملات الدول الأخرى; يمكنك أن تقول أنّ هذه الاتفاقية هي الاتفاقية الرئيسية التي أدّت إلى تشكيل نظام الصرف الأجنبي وتشكيل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتطوير والتعمير، وهي الاتفاقية الرئيسية التي رسّخت هيمنة الدولار الأمريكي على تعاملات العالم الاقتصادية، حيث صارت هذه الدول الـ44 ترجع إلى الدولار الأمريكي لتحديد قيمة عملاتها دوليًا، مما جعل الدولار بمركز الملك.
كانت الولايات المتّحدة تمتلك 75% من ذهب العالم لوحدها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان الدولار الأمريكي هو العملة الوحيدة على مستوى العالم المُغطاة بالذهب (بقية الدول تخلّت عن تغطية عملاتها بالذهب بعد حصول تضّخمات في اقتصاداتها)، مما دفع عددًا كبيرًا من دول العالم إلى العمل على تكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلًا كاحتياطي، وصار عدد كبير من هذه الدول يستخدم عملة الدولار كاحتياطي النقد الأجنبي.
وهكذا تحقق حلم العمّ سام بالسيطرة على الاقتصاد العالمي.. ولكن تطورًا مهمًا حصل لاحقًا.
حرب فيتنام وصدمة نيكسون وإلغاء تغطية الدولار الأمريكي بالذهب
خاضت الولايات المتّحدة حرب فيتنام من العام 1956م – 1975م، وكالمعتاد، احتاجت الولايات المتّحدة إلى المزيد من الدولارات لتغطية تكاليف الحرب، ولكن الدولارات لم تكفِ، لأن الذهب الموجود في الولايات المتحدة (بل والعالم) لم يعد كافيًا ليغطّي الدولار الأمريكي، لم يعد بالإمكان طباعة المزيد من الدولارات لأنّ الذهب الموجود لم يعد كافيًا لتغطيتها، وبالتالي قامت الولايات المتّحدة بتجاوز الحد الأعلى المسموح من الدولارات المطبوعة، وقامت بطبع دولارات غير مغطاة بالذهب دون أن تُعلِم أحدًا بذلك.
ولكن الأزمة الكبرى حصلت عندما طالب الرئيس الفرنسي تشارل ديغول عام 1968م بتحويل الدولارات الأمريكية الموجودة لدى البنك المركزي الفرنسي إلى ذهب (طالب بتحويل 191 مليون دولار إلى ما يقابلها من الذهب، وكان سعر الأونصة 35$)، عملًا باتفاقية Bretton Woods التي تسمح بذلك; أدّى هذا الأمر إلى عجز الولايات المتّحدة لاحقًا عن تحويل أي دولارات أمريكية إلى الذهب، مما دفع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى إصدار بيان في عام 1973 يلغي فيه التزام الولايات المتّحدة بتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب، عُرفت لاحقًا باسم Nixon Shock أو صدمة نيكسون.
أصبح الذهب حرًا بعدها ولم يعد أحد يتحكّم فيه سوى العرض والطلب، وأصبحت جميع العملات بما فيها الدولار الأمريكي تقف على أرضٍ واحدة وصارت كلّها عملاتٍ إلزامية ورقية لا قيمة لها في الواقع سوى التزام الحكومات بها. انخفضت قيمته 40 ضعفًا من عام 1973 إلى الآن وارتفع سعر الذهب بشكلٍ جنوني، وأصبح سلعةً عادية مثله مثل الفضّة والبلاتين وغيرها.
كانت صدمة حقيقية للدول على مستوى العالم، إنّها خدعة تمّ خداع العالم بأسره بها، فبعد أن كانت تعمل على مرّ السنوات لتكديس الدولار الأمريكي كاحتياطي للنقد الأجنبي لتستبدله بالذهب عندما تريد، أصبحت الآن غير قادرة على ذلك، والأسوء من كلّ ذلك هي أنّها كانت وما تزال مجبرة على التعامل بالدولار، لأنّها لا يمكنها التخلّي عنه بعد أن قامت بتكديس كلّ هذه الدولارات في الاحتياطي النقدي الأجنبي وإلّا ضاعت أدراج الرياح.
قد يتساءل أحدهم: ولماذا لا تقوم هذه الدول بفكّ الارتباط من الدولار وإلغاء التعامل به؟ لأنّ الأسطول الأمريكي الذي يجوب العالم ليس موجودًا لحراسة فراغ فالقوة العسكرية هي من تحمي القوة الاقتصادية.
وهكذا، تحوّل الدولار إلى أضخم عملة نقدية احتياطية أجنبية على مستوى العالم; حيث صارت جميع الدول مرغمة على التعامل به بالإضافة إلى كونه العملة الرئيسية التي يتم تحديد باقي العملات بناءً عليها.. مما رسّخ الهيمنة الأمريكية على اقتصاد العالم.