ادارة الوقت … الطريق المختصر للنجاح
من اهم الموارد البسيطة المتوفرة لأي شخص كان هي الوقت, حيث يعتبر المادة الأولية الوحيدة المشتركة بين البشر وبالتساوي، ولكن يظهر الفرق بين الإنسان الناجح والإنسان العادي في كيفية استغلال الوقت وادارته، ومن هنا وجب علينا ان نتعلم كيف ندير وقتنا بالشكل اﻷمثل والصحيح . وهذا الوجوب قبل أن يفرض علينا من واقع تجاربنا وطموحنا للنجاح فرض سابقا في صلب تعاليم ديننا الحنيف واﻷدلة كثيرة على ذلك منها حينما أراد رسول الله (ص) أن يحدثنا عن قيمة الوقت استخدم أهم لحظة مصيرية في تاريخ الإنسان والتي ستحدد إن كان من أهل الجنة أم النار
فقال: { لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه، وعن عمله ماذا عمل به }
وبالتالي أول ما سيسأل عنه العبد كما ذكر رسول الله (ص) هو《العمر》
اي وقتك ماذا فعلت به هل استثمرته؟……هل ضاع سدا؟؟….هل نظمته واستفدت منه؟؟؟
من هنا ندرك أهمية ادارة الوقت في تفعيل جوانب النجاح في حياتنا لانه يعتبر من اهم عناصر النجاح في اي ادارة او استثمار، فالقيادة المميزة تحتاج لمدير مميز يحسن استغلال جميع الموارد المتاحة له لاتمام عمله بافضل صورة ممكنة، هذا من جهة ومن جهة اخرى وببساطة لاننا مسؤولين عن حسن استهلاك وقتنا امام الله عز وجل.
فوائد ادارة الوقت:
ان للادارة الفعالة للوقت فوائد جمى تنعكس في جميع مجالات الحياة (الأسرة،العمل، النجاح، التطور، العبادة….), ولاتكفي صفحات لذكرها لكن نكتفي أن نقول ان الادارة الصحيحة لوقتنا تفيدنا في انجاز الكثير من الاعمال في زمن قصير,
ايضا تمنحنا الاستقرار النفسي فقد اكدت الدراسات الحديثة بعلم النفس البشرية ان اﻹنسان الذي يستغل وقته بأشياء مفيدة يكون اكثر استقرارا نفسيا ممن يضيعون اوقاتهم من دون فائدة.
كما ان الادارة المثالية للوقت تمنحنا وبشكل غريب الوقت نفسه حيث وبمجرد أنك تدير وقتك بحكمة تشعر وكأنك تملك ثمان وأربعون ساعة في اليوم على عكس من لا يشعر بأهمية الوقت فقد يكون يومه مجرد اربع وعشرين ساعة ومنهم من يقتصر يومه على اثنتا عشرة ساعة او حتى سبعة او ثلاث ساعات.
قد يكون هذا الكلام غريبا نوعا ما ولكنني اقول ان يومك هو عبارة عن عدد الساعات التي استغليتها في اليوم بالاضافة الى عدد الساعات التي وفرتها باﻹادارة الجيدة للوقت، ولنعطي مثالا توضيحيا فلنتحدث عن امر نقوم به جميعا يوميا وليكن النوم مثلا فالشخص الذي ينام ثمان ساعات يوميا يكون قد استهلك من عمره حين يصل لسن الستين حوالي عشرين عاما وهو نائم بينما الشخص الذي ينام ستة ساعات يوميا يكون قد استهلك في نفس العمر حوالي خمسة عشر سنة، الفرق بسيط في الادارة اليومية لوقت النوم ولكن النتائج هائلة في المجمل العام ففد يستطيع الشخص الذي ينام فقط ستة ساعات ان يقدم رسالة دكتوراه في خمس سنوات بينما يكون ذلك الشخص نائم!!!
كلا الشخصين عاش ستين عام فيزيولوجيا ولكن بسبب اﻻدارة الجيدة للوقت يمكن ان يحسب عمر هذا الشخص خمسة وستين عاما باضافة ماوفره من وقت النوم… هذا مثال بسيط في تنظيم بعض الأمور اليومية التي نمارسها باستمرار وتاخذ حيزا ربما كبيرا من وقتنا.
اساليب ادارة الوقت(نظريات ادارة الوقت):
هنالك نظريات ودراسات كثيرة لكيفية ادارة وقتنا بالشكل المثالي سأذكر أهم ثلاث نظريات تساعدنا في ادارة وقتنا
• مصفوفة الاولويات “ستيغن كوفي”
وتنص على ان اي عمل نقوم به ينحصر ضمن واحد من اربع مربعات وهي:
المربع الاول: وهو مربع الامور المهمة والمستعجلة ويسمى مربع الطوارئ ويعالج فيه الأمور المستعجلة من ناحية الوقت.
المربع الثاني: وهو مربع الامور المهمة وغير المستعجلة وهو مربع الناجحين ويتم فيه التخطيط للامور المهمة.
المربع الثالث: وهو مربع الامور الغير هامة والمستعجلة كحاجة سيارتك للوقود مثلا.
المربع الرابع: وهو مربع الامور الغير هامة والغير مستعجلة كالدردشة على النت.
هل انت تمتلك مهارة ادارة الوقت؟ هل انت ممن يستغلون اوقاتهم بفعالية؟؟!
لاتجعل وقتك كله طوارئ (المربع الاول) ولابد من التركيز على المربع الثاني وقضاء معظم وقتنا فيه وعندما تصل لنسبة 60% من وقتنا فيه نكون قد نجحنا في ادارته.
• نظرية 80/20 “باريتو”
وتنص على ان هناك من يستطيع في 20%فقط من وقته ان ينجز 80% من المطلوب انجازه وذلك بعدم المماطلة والتسويف واستغلال اوقات ذروة النشاط .
• تظرية (قانون باركنسون)
وينص هذا القانون على ان العمل يتوسع فيه لكي يملأ الوقت المتاح لانجازه فإذا خصصنا اشخاص لانجاز عمل ما ضمن ساعة من الزمن وخصصنا اشخاص اخرين لانجاز نفس العمل ضمن ساعتين نجد انه كلا المجموعتين تنتهي في حدود الوقت المحدد لها، لذلك يجب علينا تحويل اعمالنا الى مشاريع محددة الموعد واللالتزام بهذا الموعد.
ومن عجائب العلم حاليا ان هناك بعض العلماء يتحدثون عن ادارة الوقت خلال فترة النوم حيث ان الدماغ يبقى في حالة عمل ونشاط اثناء النوم لذلك يعتقدون انه بامكاننا استغلال فترة النوم في التعلم عن طريق الاستماع ويقومون بدراسة حول مدى تأثر الدماغ النائم بالكلمات التي يستمع اليها والعمليات التي يقوم بها.
وبعيدا عن النظريات والدراسات هناك الكثير من التطبيقات العملية التي يمكن ان نقوم بها لنحسن استغلال كل دقيقة من وقتنا كأن نستفيد من الوقت المهدور في المواصلات مثلا او في طوابير الانتظار بعمل امر من الامور المهمة والغير مستعجلة كالرد على البريد الالكتروني مثلا..
وايضا كما هو مهم استغلال الوقت الضائع منا يجب عدم اضاعة وقت باشياء لافائدة منها كالدخول في جدالات عقيمة مهدرة للوقت او ان نعطي اي مشكلة تصادفنا اكثر من وقتها ونستبدل وقت التفكير بالمشكلة بالتفكير بحل المشكلة.
واخيرا يجب علينا أن نعلم بان ادارة وتنظيم وقتنا لاتعني الجدية التامة في جميع أمورنا لا بل على العكس تماما يمكن أن يمنحنا وقتا أكبر للترفيه أو الجلوس مع العائلة فاﻹنسان كما هو محتاج الى العمل والتطوير بحاجة ايضا الى الراحة والترفيه، وادارة الوقت ماهي إلا وسيلة لنعيش جميع تفاصيل حياتنا ولكن بحكمة وانتظام .