أحدث المواضيع

ما أسباب عدم تدوين الحديث في العهد النبوي

في الحديث الوارد عن النبي «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» ،

What-are-the-reasons-for-not-writing-down-hadiths-in-the-Prophet’s-era

سعى الرسول صلى الله عليه وسلم لكتابة ما أنزل من القرآن ، فأخذ من أجله كتابًا من أصاحبه ، وكتب القرآن كله بين بيدي الرسول صلى الله عليه وسلم  ، فكان التدوين فقط للقران على عكس السنة النبوية والاحاديث الواردة عنه واحكام الدين والتشريعات ، حيث كان كل هم الرسول الكريم  حينها هو حرصه على تجميع القران فقط وكتابتة وتدوين كل ما انزل عليه من نبي الوحي جبريل ، وبالتأكيد كان هناك عدة اسباب جعلت النبى يشتغل بتدوين القران عن السنة ، حيث استمر الأمر على هذه الحال حتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والاسباب هي كالاتي؛


ما أسباب عدم تدوين الحديث في العهد النبوي

في الحديث الوارد عن النبي «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» ، قد ذكر العلماء أسباباً عديدة لعدم كتابة الحديث في عهد النبي و لماذا نهى النبي عن كتابة الحديث : 


 أحدها أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش مع أصحابه منذ 23 سنة بعد قيامه برسالته ، وبالتالي فتدوين كل ذلك من ، أقواله وأفعاله ، وكتابتها كان بالامر الصعب والشاق ، لأنها تتطلب الكثير من التفاني والتفرغ، من رفقاء وصحابة النبي، كما نعلم أن معظم الصحابة رضي الله عنهم لا يجيدون الكتابة ، بل على العكس فان الكتاب منهم  هم قلة ، وكان تركيز هؤلاء الصحابة الذين يجيدون الكتابة، هو كتابة القرآن على وجه التحديد ، عن كتابة مذاهب السنة الأخرى، وذلك  حتى لا يفقدوا من القران الكريم اي حرف  ، وينقل للامم من بعدهم كامل ومضبوط .

وسبب آخر هو الخوف من اللبس عند المسلمين فيختلط القرآن بأحاديث النبي وسنته ، خاصة في الأيام الأولى التي لم يكتمل فيها الوحي ، حيث كان سبب نزول القرآن مبني على الوقائع والأحداث وبالتالي نزل مفرقا، كما ان  أن العرب  وقتها كانت بلاد أمية ، ويعتمدون اكثر  على الذاكرة في تذكر الاحداث والاقوال ، ولذلك اشتهروا بقوة الذاكرة وسرعة التذكر ، فكان من السهل عليهم حفظ القران بسبب نزوله مقسم إلى مقاطع صغيرة والقرآن يتطلب التفاني في التذكر والحفظ في الصدر ، أما الحديث فالحقائق الخاصة به لها جوانب كثيرة معقدة ، منها أفعال الرسول وكلماته منذ بداية الرسالة وحتى موت الرسول صلى الله عليه وسلم ، لذا لو كانت كتبت  مثل كتابة القرآن ، لشعر الصحابة انه من الضروري عليهم التركيز وحفظ السنة النبوية كحفظهم للقرآن وهو ما فيه حرج ومشقة عليهم ، وكان القران اولى بهذه المشقة وهذا الاجتهاد في ذاك الوقت.

وفي عصر الصحابة ايضا لم يسجلوا الحديث في صحف لأنهم لم يحبوا ان يستخدمها الناس استخدام المصحف ويقارنوها  بمصاحف القران ، لذا لم يكتبوا الحديث ايضا  في فترة الخلافة، بالاضافة الى ان عمر رضي الله عنه اراد في اول الامر  ان يجمع السنة ، فاستشار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ونصحوه بكتابتها ، فبدأ عمر في استخارة الله سبحانه وتعالى وعزم على الامر فقال ” إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبّوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني – والله – لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً ” والشئ الذي جعل عمر قلقا من تدوين الحديث هو انه كان حينها مؤيدا ايضا لرأي البعض، على انه يوجد حديثي عهد بالاسلام ، وبالتالي فان دونت السنة كحال القران ونشرت على البلاد ، لتناولها الناس بالحفظ والتلاوة والدراسة هي الاخرى وبالتالى ستزاحم القران ، بالاضافة الى حالة اللبس التي ستحدث على الناس في بداية معرفتهم بالقران والسنة، ولكن على الرغم من ذلك فقد كان الصحابة وفقهاء الناس لا يزالوا قادرين على تسجيل الاحاديث في اذهانهم ، كما كانت ملكانهم متينة وقادرة على حفظ السنة وتطبيقها تطبيقا سليما.

وهكذا انتهى عصر اصحاب النبي  ولم يتم تدَوَّين من السنة إلا قليلها ، وذلك  حتى جاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فأعطى امره في فترة خلافته  بجمع الحديث لاسباب اقتضت ذلك ، وهي حفظ الأمة لكتاب الله ، وأمنها عليه أن يختلط بغيره من السنن ، وكان اول من دون الحديث تدوينا عاما بأمر الخليفة عمر هو ابن شهاب الزهري ، لان (ابن شهاب الزهري) كان من أعلم الناس معرفة  بالأحاديث ، حيث كلف بتسجيل جميع الأحاديث التي سمعها من أصحاب رسول الله رضي الله عنهم ، كما  تبعه كثير من طلابه في تدوين الأحاديث ، ومنهم مالك بن أنس وغيره ، وهنا كانت البداية الجدية ل مراحل تدوين الحديث.


بالنهاية يتم اعتبار ان اول من دون السنة النبوية هو الخليفة عمر بن عبد العزيز، لانه هو اول من اعطى الامر الصريح بتدوينها، ولمن يختلط عليه الامر الشائع بان البخاري هو اول من دون السنن النبوية والاحاديث ؛ فهذا خطأ جسيم ، لا جدال في ان البخاري قد تفوق على ماسبقوه في رواية احاديث الرسول والجواب المختصر على ذلك هو للسبب الاتي ؛  ان البخاري (194-256 هـ) كعادة أولاد زمانه أكمل فهم وحفظ القرآن وهو في سن العاشرة ، ثم ولبقية حياته سخر نفسه  لتعلم وتدريس الحديث اي لحوالي 48 سنة.


ما الذي دون من السنة في حياة الرسول

يمكن اجاز و تمثيل إذن النبي في تدوين بعض اقواله  بسلسلة من الأدلة ، يتلخص بعضها في الآتي : 


لما فتحت مكة للمسلمين بفضل الله تعالى قام الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطبا في الناس  فقام رجل يمني اسمه أبو شاه وقال: يا رسول الله فاكتبوا إليّ، ثم امر النبي صلى الله عليه وسلم بما طلب، حيث جاء عليه الصلاة فقال: اكتب لأبي شاه ، وبحسب البخاري ففي معنى اكتبوا الواردة في الحديث، اى اكتبوا له الخطبة الواردة عن الرسول ، وهذا يدل على أن الرسول اعطى الاذن  بوضوح على الكتابة.

وفي رواية عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم، قال : كنت أدون كل شيء أريد حفظه من اقوال من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرتني قريش الا افعل ، حيث قالوا: إنك تكتب كل شيء يقال من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ماهو الا بشر يتكلم في ،الرضا  والغضب ومن هنا أمسكت عن الكتابة ، ولما ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حقّ؛ وأشار بيده إلى فيه» (رواه أحمد في مسنده).

إرسال تعليق