مرضى السكري في الأردن:
تحديات وحقائق تؤرق المجتمع
يتصاعد مرض السكري بوتيرة ملحوظة في الأردن، ليصبح من أبرز المشكلات الصحية المزمنة التي تؤثر على حياة الكثيرين وتضع على عاتقهم تحديات يومية هائلة. فمع تصنيف الأردن كثاني أعلى دولة في الشرق الأوسط من حيث انتشار هذا المرض، نجد أن الحقائق المتزايدة حوله تتجاوز كونه مجرد اختلال في مستوى السكر في الدم؛ بل تمتد أبعاده لتشمل التأثير على جودة الحياة، والاقتصاد، والبنية الصحية.
انتشار السكري في الأردن:
أرقام تدعو للتأمل
شهدت معدلات الإصابة بمرض السكري ارتفاعًا ملحوظًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيث ازدادت احتمالية الإصابة بنسبة 14.3% من عام 1990 إلى 2020. تعتبر عوامل مثل الجنس، العمر، الوراثة، ارتفاع ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية من أهم المسببات المساهمة في تفاقم هذا المرض على المستوى الوطني.
التحديات الصحية اليومية التي يواجهها مرضى السكري بالأردن
مرضى السكري لا يعانون فقط من اضطرابات في نسب السكر، بل يتعاملون مع سلسلة من المضاعفات التي تؤثر على عدة أجهزة حيوية في الجسم. وفيما يلي نظرة أقرب على أبرز تلك التحديات:
1. **تقرحات القدم وضعف الحركة:**
تُعتبر تقرحات القدم أحد أكثر المضاعفات شيوعًا لدى مرضى السكري، وهي تشكل حاجزًا أمام حركة الأفراد واستقلاليتهم. زيادة الاعتماد على المحيطين للتنقل والحركة يعزز فرص السمنة ويؤثر سلبًا على نسق حياتهم. ومن الجدير بالذكر أن النساء هن الأكثر تضررًا من هذه المشكلة مقارنةً بالرجال.
2. **مشاكل الغدة الدرقية المتكررة:**
تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من نصف مرضى السكري (53%) يعانون من مشكلات في وظائف الغدة الدرقية. وقد أوصى المركز الوطني للسكري بإجراء فحوص سنوية للمصابين للكشف المبكر عن أي خلل لضمان السيطرة على تطور الأعراض المحتملة.
3. **اضطرابات الكبد الخطيرة:**
لا يقتصر تأثير السكري على جهاز معين فقط، بل يمتد ليشمل الكبد، حيث يؤدي المرض إلى اضطرابات تشمل ارتفاع مستويات إنزيمات الكبد وظهور أمراض مثل الكبد الدهني غير الكحولي والتهاب الكبد الوبائي سي (HCV)، والتي قد يتطور بعضها إلى تليف وسرطان الكبد.
4. **السمنة ومستويات الخطر المرتبطة بها:**
تكشف الفترة ما بين 2002 و2004 عن زيادة مقلقة في معدلات السمنة بين الأردنيين بنسبة تصل إلى 19.5%، بما يتزامن مع ارتفاع نسبة الإصابة بالسكري بين السكان البالغين من 6.4% إلى 7.5%. هذا الترابط بين السمنة والسكري يوضح العلاقة الوثيقة بين أنماط الحياة غير الصحية وارتفاع العبء الصحي والاقتصادي للمرض.
5. **الإصابة بالاكتئاب وتأثيره النفسي:**
الجانب النفسي لمرض السكري لا يقل أهمية عن الجوانب الجسدية؛ إذ يعاني المرضى، وخاصة النساء والأشخاص ذوي التعليم المحدود، من معدلات مرتفعة من الاكتئاب. يرتبط ذلك بشكل مباشر بضعف القدرة على إدارة السلوكيات الصحية والنمط الغذائي. تشير الدراسات إلى أن احتمالية إصابة الأردنيين المكتئبين بسبب السكري تفوق المعدلات المسجلة في العديد من الدول المتقدمة، ما يستلزم بناء منظومة صحية دورية للكشف المبكر عن أعراض الاكتئاب ومواجهتها بحلول فعالة.
هل هناك بصيص أمل؟
لا شك أن مواجهة هذا الواقع المربك يتطلب تكاتف الجهود لمواجهة مرض السكري وتحدياته المتزايدة. الابتكار في المنهجيات العلاجية، تعزيز التوعية المجتمعية بأنماط الحياة الصحية، وتحسين نظم العناية والرعاية النفسية قد يكون النواة لإحداث تغيير إيجابي ملموس. وتبقى الفرصة قائمة لبناء مجتمع واعٍ ومنظم يستطيع تقليص تأثير هذا المرض والأعباء الناتجة عنه.
ختامًا، مرض السكري ليس مجرد رقم يُضاف إلى الإحصائيات؛ إنه قصة يومية يعيشها ملايين الأردنيين، وفي أيدي الجميع يقع القرار لتغيير هذه الحكاية وتوجيهها نحو نهاية أكثر إشراقًا ووعودًا بتحسين الحياة للأجيال القادمة.
برجاء الإنتظار قليلا والإستمتاع بمشاهدة الفيديو
مجلة الأستاذة
للمشاهدة باليوتيوب اضغط على الزر اسفل.
إذا لم يتم تنزيله تلقائيًا ، فيرجى النقر على إعادة التنزيل. وإذا كان الرابط معطلاً ، فيرجى الإبلاغ عبر صفحة نموذج الاتصال في هذه المدونة.

تعليقات
إرسال تعليق