القائمة الرئيسية

الصفحات

تفسير قول الله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة

Then-there-came-after-them-a-generation-who-neglected-the-prayer.
فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة 

 يقول الله العظيم في كتابه العزيز، في سورة مريم، الآية التاسعة والخمسون: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، وسوف نستعرض تفسير هذه الآية الكريمة بالتفصيل في هذا المقال.


تفسير الطبري لآية "فخلف من بعدهم خلف"

يقول ابن جرير الطبري في تفسيره لقوله تعالى: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، أنه قد جاء بعد الأنبياء الذين ذكرهم الله عز وجل في الآيات السابقة، خلف سوء في الأرض، وهذا الخلف السوء قد أضاعوا الصلاة، وقد اختلف أهل التفسير والتأويل في معنى كلمة "أضاعوا الصلاة"، حيث ذكر بعض العلماء أن المقصود هو أنهم كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها المحدد، فيضيعون أوقات الصلاة ولا يصلونها في أوانها.


أضاعوا الصلاة أم تركوها؟

واختلف العلماء أيضاً في معنى إضاعتهم للصلاة، هل تركوها بالكلية، أم أنهم صلوا، ولكن في غير وقتها وميعادها؟  وقد قال عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن موسى بن سليمان، عن القاسم بن مخيمرة، في قول الله عز وجل: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ"، أنهم عندما قصروا في الصلاة، فقد أضاعوا المواقيت، ولو تركوا الصلاة تماماً، لكان ذلك كفراً بالله عز وجل.


ويروي الطبري عن إبراهيم بن يزيد، أن عمر بن عبد العزيز بعث رجلاً إلى مصر لأمر هام للمسلمين، فخرج إلى حرسه، وقد كان قد أبلغهم ألا يقوموا إذا رأوه. قال: فأفسحوا له، فجلس بينهم وقال: أيكم يعرف الرجل الذي أرسلناه إلى مصر؟ قالوا: كلنا نعرفه. قال: فليقم أحدثكم سناً، فليدعه.  فأتى الرسول فقال: لا تعجلني لأشد ثيابي.  فأتاه وقال: إن اليوم هو يوم الجمعة، فلا تبرح حتى تصلي.  وإنا بعثناك في أمر هام للمسلمين، فلا يشغلنك ما بعثناك لأجله، عن تأخير الصلاة عن وقتها، فإنك ستصليها لا محالة.  ثم قرأ: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، ثم قال: لم يكن إضاعتها تركها، ولكنهم أضاعوا وقتها.


وعن ابن مسعود، أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن  (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) و (وَعَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) و (وَعَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)  فقال ابن مسعود رضي الله عنه: "على مواقيتها". قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على الترك.  قال: "ذاك الكفر".  وقد قال مسروق: "لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس، فيُكتب من الغافلين، وفي إفراطهنّ الهلكة"، وإفراطهنّ: إضاعتهنّ عن وقتهنّ.


ويقول الطبري: حدثني الحارث، قال: ثنا الأشيب، قال: ثنا شريك، عن أبي تميم بن مهاجر في قول الله: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ) قال: "هم في هذه الأمة يركبون كركوب الأنعام والحمر في الطرق، لا يخافون الله في السماء، ولا يستحيون من الناس في الأرض".


تفسير قول الله تعالى "فسوف يلقون غيا"

وفي تفسير قول الله عز وجل: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"،  يقول ابن جرير الطبري إنه يعني أن هؤلاء الخلف الذين خلفوا أولئك الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء، سيدخلون غياً، وهو اسم واد من أودية جهنم، أو اسم بئر من آبارها.  ويروى عن لقمان بن عامر الخزاعي، قال: جئت أبا أمامة صدي بن عجلان الباهلي، فقلت: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.  قال: فدعا بطعام، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ صَخْرَةً زِنَةَ عَشْرِ أَوْاقٍ قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ، مَا بَلَغَتْ قَعْرَهَا خَمْسِينَ خَرِيفًا، ثُمَّ تَنْتَهِي إِلَى غَيٍّ وَأَثَامٍ". قال: قلت: وما غي وما آثام؟  قال: "بئران في أسفل جهنم، يسيل فيهما صديد أهل النار، وهما اللتان ذكرهما الله في كتابه" (أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)، وقوله في سورة الفرقان (وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا).


تعليقات

ليصلك كل جديد تابعنا بالضغط على الصورة

اضغط لمشاهدة الفيديو