أكد النبي صلّ الله عليه وسلم على حسن الجوار في أكثر من حديث وموضع، وجعل من شروط دخول الجنة إبتعاد المسلم عن إيذاء جاره، فقال الرسول صلّ الله عليه وسلم
كيف كان الرسول يعامل جيرانه
حث الدين الإسلامي على حسن الجوار، وجاء ليؤكد على معاني حسن الجيرة حيث قال الله سبحانه وتعالى ” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورً “، سورة النساء وفسر العلماء معنى كلمة الجار ذي القربي بأنه الجار القريب من الإنسان أو الجار المسلم ، والجار الجنب هو البعيد أو غير المسلم ، وهذا تأكيد واضح على حقوق الجار .
حسن الجوار في الإسلام
أكد النبي صلّ الله عليه وسلم على حسن الجوار في أكثر من حديث وموضع، وجعل من شروط دخول الجنة إبتعاد المسلم عن إيذاء جاره، فقال الرسول صلّ الله عليه وسلم ” لا يدخل الجنّة من لا يأمن جاره بوائقه ” وبوائقه شروره ومهالكه، وأيضّا جعل النبي صلّ الله عليه وسلم من شروط الإيمان وصحته أن يحسن المسلم إلى جاره، بذلك هي ضمن اركان الاسلام التي يعرفها المسلم ، وقد جاء ذلك في الحديث الشريف ” من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليحسن إلى جاره “.
جاء جبريل عليه السلام إلى النبي الكريم ليوصيه بالجار أكثر من مرة حتى ظن النبي أنه سيورّثه، وتتعدد وجوه الإحسان إلى الجار ومنها أن يتذكر المسلم جاره في كل مناسبة سواء كبيرة أو صغيرة، فمثلًا إذا قام بعمل وليمة عليه أن يقوم بدعوته، وإذا طلب الجار عونه عليه أن يُلبي ذلك برحابة صدر، وعلى المسلم أن يحفظ جاره في أهله وزوجته كما يحرص على حفظ أهله وخاصة بيته.
أوضح الرسول صلّ الله عليه وسلم أن الإحسان إلى الجار من معايير الخيرية، حيث قال ” خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ” (رواه ابن حبان)، وقال ” وَأَحْسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا»(رواه الترمذي)، وحذر الرسول من هجر الجار وقطع المعروف عنه، فعن ابن عمر قال: سمعت النبي صلّ الله عليه وسلم يقول: «كَمْ مِنْ جَارٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا لِمَ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونِي وَمَنَعَنِي فَضْلَهُ؟» (رواه البخاري في الأدب المفرد).
أمر الرسول صلّ الله عليه وسلم بمحبة الخير للجار كمحبته للنفس، فعن أَنَسٍ -رضي الله عنه- عن النبي صلّ الله عليه وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى يُحِبَّ لِجَارِهِ -أو قال لِأَخِيهِ- ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (رواه مسلم).
حث صلّ الله عليه وسلم على التودد إلى الجار بإهداء الطعام ، وتقديم النصح إليه والعون وحثه على قراءة القران الكريم وحثه على دروس العلم
يحكي أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: إن خليلي صلّ الله عليه وسلم أوصاني: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ» (رواه مسلم).
نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن إيذاء الجار وحذر من ذلك ونفى الإيمان عمن يؤذي جاره، حتى أقسم صلّ الله عليه وسلم بالله تأكيدًا على ذلك فقال: «والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ. قِيلَ: وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: الذي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه» [بوائقه: شروره] (رواه البخاري).
أكد الرسول صلّ الله عليه وسلم أن الأعمال الصالحة حتى وأن كثرت لا تنفع صاحبها إذا كان يؤذي جاره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول «قال رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ فُلانَةَ يَذْكُرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَها بِلِسَانِهَا، قال: «هِيَ فِي النَّارِ» قال: يا رَسُولَ اللَّهِ فإن فُلانَةَ يذكر من قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وإنها تَصَدَّقُ وَلا تؤذي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قال: «هي في الْجَنَّةِ» (رواه أحمد).
وأكد النبي صلّ الله عليه وسلم على حقوق الجار فقيل ” ذات يوم «جَاءَ رَجُلٌ إلى النبي صلّ الله عليه وسلم يَشْكُو جَارَهُ»، فقال: «اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثًا»، فقال صلّ الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ في الطَّرِيقِ، فَطَرَحَ مَتَاعَهُ في الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ الناس يَسْأَلُونَهُ، فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ الناس يَلْعَنُونَهُ، فَعَلَ الله بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، فَجَاءَ إليه جَارُهُ»، فقال له: «ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شيئًا تَكْرَهُهُ!» (رواه أبو داود).
قصص وأحداث من تعامل النبي محمد صلي الله علية وسلم ** كيف كان أسلوب النبي ﷺ في التعامل مع الناس
كيف كان الرسول يعامل الناس :
حيث إنّ محمداً -صلى الله عليه وسلم- يمثل قدوة البشرية جمعاء بحسن الخُلق، وقد شهد الله -تعالى- له بعظيم الأخلاق، حيث قال واصفاً ومادحاً إيّاه: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وقد اعتنى الصحابة -رضي الله عنهم- بوصف أخلاق النّبي -عليه الصلاة والسلام- وبيان أوصافه، حيث رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لما سُئلت عن خُلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجابت قائلةً: (كان خُلُقُه القُرآنَ)، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسن النَّاس خُلُقاً). تعامل الرسول مع أصحابه ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في حسن تعامله مع أصحابه رضي الله عنهم، حيث اتصف -عليه الصلاة والسلام- بصفات الخير والرحمة، مصداقاً لقوله عزّ وجلّ: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يشعر بآلامهم، ويشفق عليهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويخفض جناحه لهم، ويجيب دعوتهم، ويدعوا لهم ولأبنائهم بالخير، وفيما يأتي وصفٌ لتعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه رضي الله عنهم. محبتهم والعطف عليهم كان الحب في الله أهم ما يُميّز علاقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه رضي الله عنهم، فقد كان يعامل كل واحدٍ منهم بحبٍ خاص يختلف عن غيره، ويصفهم بألقاب تزيد من ألفته ومحبته، حيث كان يصف أبوبكر الصديق وعمر -رضي الله عنهما- بأنّهما وزيراه، ويصف الزبير بن العوام -رضي الله عنه- بحواريّه، وحذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- كاتم سره، وأبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه- بأمين الأمة، وكان -عليه الصلاة والسلام- يشارك أصحابه -رضي الله عنهم- في أفراحهم، وأحزانهم، ومأكلهم، ومشربهم، ويقف معهم في مصائبهم، ويحزن لحزنهم، ويفرح بفرحهم. وقد بيّنت كتب السيرة الكثير من المواقف التي تدل على ذلك، فقد رُوي أنّ صحابياً خسر في ثمارٍ اشتراها ليتاجر بها، وكثُر دينه، فلمّا قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لمن عنده: (تَصَدَّقُوا عليه، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عليه، فَلَمْ يَبْلُغْ ذلكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا ما وَجَدْتُمْ، وَليسَ لَكُمْ إلَّا ذلكَ)، ولذلك فاق حب الصّحابة -رضي الله عنهم- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل حب، وتعدى كل مألوف، حتى شهد بذلك ألدّ أعدائه، وهو أبو سفيان بن حرب قبل إسلامه فقال: "ما رأيتُ من الناس أحداً يحبُّ أحداً كحُبِّ أصحاب محمد محمداً". المزاح معهم كان من هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المزاح مع أصحابه رضي الله عنهم، ولكن من غير أن يقول إلا الحق، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنِّي لا أقول إلَّا حقّاً، فقال بعضُ أصحابِه: فإنَّكَّ تُداعبُنا يا رسول الله، فقال: إنِّي لا أَقولُ إلَّا حَقًّا)، ورُوي أنّ النّبي -عليه الصلاة والسلام- رأى صهيب بن سنان -رضي الله عنه- يأكل تمراً، وفي إحدى عينيه رمد فقال له: (أتأكلُ التَّمر وأنت رمدٌ؟ فقال: إنَّما أمضغُ بالشِّقِّ الآخرِ، فضحك رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). وعلى الرغم من مزاح النّبي -عليه الصلاة والسلام- مع أصحابه -رضي الله عنهم- إلا أنّه كان يُراعي مشاعرهم، ولا يقبل لأي واحد منهم أن يُسخر منه، أو يُحتقر، أو يُسب، حيث رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه كان يجتبي سواكاً من الأراك، فهبّت ريح فكشفت عن ساقيه، فضحك القوم من دِقّة ساقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لهما أثقلُ في الميزان يوم القيامة من أُحُدٍ). التواضع لهم كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يُقتدى به في التواضع مع أصحابه، فعلى الرغم من علو مكانته، وعظيم قدره؛ إلا أنّه كان أبعد النّاس عن الكِبر والبطر، وكان يخفض جناحه للصحابة -رضي الله عنهم- ويجلس بينهم كواحدٍ منهم، ولا يتعاظم عليهم، ويجلس بين ظهرانيهم حيث ينتهي به المجلس، حتى كان الرجل الغريب يسأل عنه لأنّه لا يميّزه من بين أصحابه رضي الله عنهم، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجلسُ بين ظهري أصحابه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسأل...)، وكان -عليه الصلاة والسلام- ينهاهم عن الغلو في تعظيمه، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رجلاً قال: (أنَّ رجلاً قال: يا محمدُ: أيا سيَّدنا وابن سيِّدِنا! وخيرنا وابن خيرِنا! فقال النبي عليه الصلاة والسلام: يا أيها الناسُ عليكم بتقواكم، ولا يستهوينَّكم الشيطان، أنا محمدُ بنُ عبد الله، أنا عبدُ الله ورسوله، ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله).
للمشاهدة مباشر اضغط على الصورة
للمشاهدة باليوتيوب اضغط على الزر اسفل.
قصص وأحداث من تعامل النبي محمد صلي الله علية وسلم ** كيف كان أسلوب النبي ﷺ في التعامل مع الناس