نشرت الصفحة الرسمية لمحافظة بورسعيد على فيسبوك مجموعة من الصور لسوق الأسماك الجديد، ولكن للأسف، تضمنت الصور مشهدًا لأحد البائعين وهو يعرض سلحفاة بحرية للبيع بين الأسماك. وقد أثارت هذه الصور استياء المتابعين الواعين، وجذبت تعليقاتهم، مما دفعهم لتقديم بلاغات إلى وزارة البيئة. تُعتبر السلاحف البحرية من أقدم الكائنات الحية على كوكب الأرض، حيث تعود وجودها إلى ملايين السنين، وهي تعتمد على البيئات الأرضية والمائية خلال دورة حياتها. كما تُعد جزءًا أساسيًا من النظام البيئي البحري، وتعتبر مؤشرًا على صحة وسلامة البحار والمحيطات لدورها الحيوي في الحفاظ على التوازن البيئي والسلسلة الغذائية.
يُعتبر سوق الأسماك الجديد واجهة حضارية لمدينة بورسعيد، حيث تم تصميمه بأحدث الطرز ويُعد الأول من نوعه. يتوافد الآلاف يوميًا إلى هذا السوق، لكن عرض مثل هذه الصور يُعد انتهاكًا حضاريًا. إن عرض سلحفاة بحرية للبيع يُخالف قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 وتعديلاته، الذي يهدف إلى حماية الكائنات المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى كونه مخالفًا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر للحفاظ على التنوع البيولوجي والثروات الطبيعية.
تتعرض السلاحف البحرية حاليًا للعديد من التهديدات، مثل الصيد الجائر، والاصطدام بالسفن، والتلوث بمختلف أنواعه، وتدمير مواقع تعشيشها على الشواطئ.
لقد قمت بكتابة طلب على الصفحة الرسمية للمحافظة، أهيب فيه بمحافظة بورسعيد الباسلة، والسيد محافظ بورسعيد، وإدارة محمية أشتوم الجميل، للتدخل لحذف تلك الصور وغيرها من الصور المسيئة لبورسعيد ولمصرنا الغالية، وتنظيم حملة لإعادة هذه السلاحف إلى بيئتها الطبيعية. وأشكرهم على الاستجابة السريعة لهذا الطلب.
يجدر بالذكر أن جهاز شؤون البيئة، بالتنسيق مع مركز المحميات البحرية التابع لاتفاقية برشلونة، قام بتشكيل أول فريق وطني لرصد وحماية السلاحف البحرية المتوسطية، بمشاركة عدد من الجهات الوطنية ذات الصلة. تم تدريب هذا الفريق على أساليب رصد وتتبع أعشاش السلاحف البحرية بهدف دراستها وحمايتها، بالإضافة إلى ترقيمها وإعادة إطلاقها في بيئتها الطبيعية للحفاظ على هذا النوع المهم من الكائنات.
من المثير للاهتمام أن أحد الأهداف الرئيسية لإنشاء محمية أشتوم الجميل في محافظة بورسعيد هو حماية السلاحف البحرية، حيث تبذل المحمية جهودًا كبيرة لحماية وإنقاذ العشرات من هذه الكائنات، وتعتبر أيضًا واحدة من محطات ترقيم السلاحف البحرية في مصر وحوض البحر المتوسط.
للأسف، بدأت العديد من الصفحات المعنية بحفظ التنوع البيولوجي وبعض الصفحات المغرضة في الإشارة إلى هذه السقطة البيئية، وانتقاد الإدارة المصرية لعدم حفاظها على التنوع البيولوجي وتهديد الحياة البرية. لذا، فإن التدخل لمنع الاتجار غير المشروع في الحياة البرية يُعد أمرًا ضروريًا للحفاظ على التنوع البيولوجي، وتنفيذًا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر في هذا الشأن، واستمرارًا لاستعدادات مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية التنوع البيولوجي "كوب27"، المزمع عقده منتصف نوفمبر القادم في مدينة شرم الشيخ كأحد أهم الأحداث العالمية المعنية بحماية التنوع البيولوجي.