"الماء هو سر الحياة التي تسري في النبات والحيوان والإنسان."
عندما يُقدّم لك كوب من الماء الدافئ بعد يوم طويل وشاق، قد تجد نفسك غير راغب في تذوقه. على النقيض، يتوق الكثيرون لشرب الماء البارد ليرووا عطشهم. ولكن إذا أضفت الثلج إلى نفس كوب الماء الدافئ، ستشعر وكأن نكهته قد تغيرت تمامًا! فما السبب وراء هذا التغير في الطعم مع اختلاف درجة حرارة الماء؟
منذ بداية الحياة على كوكبنا، كان الماء هو العنصر الأساسي الذي يعتمد عليه الكون. يُعتبر الماء مادة حيوية، شائعة ولكنها أقل فهمًا. رغم تحديها لبعض قوانين الفيزياء، إلا أنها تحمل مفاتيح الحياة. كان يُعتقد في العصور القديمة أن الماء يعمل كوسيلة لنقل المعلومات بين الكائنات الحية، ويحتفظ بالذاكرة. ومع ذلك، يمكن أن يتأثر الماء سلبًا إذا تم معالجته بشكل غير صحيح، حيث يمكن أن تؤثر عوامل مثل الصوت والأفكار والنية على ترتيب جزيئاته.
نعود إلى السؤال الرئيسي: لماذا نشعر أن طعم الماء البارد أفضل من طعم الماء الدافئ؟ على الرغم من أن الماء يُعتبر بلا طعم علميًا، إلا أننا نلاحظ اختلافًا في نكهته بين الماء البارد والدافئ. عبر العصور، اعتقد الناس أن المعادن الذائبة في الماء هي المسؤولة عن طعمه، لكن حتى الماء المقطر النقي له نكهة مميزة. فما الذي يسبب هذا الاختلاف؟
رغم أن الماء المقطر لا طعم له، إلا أنه عند فتح الزجاجة، تذوب كميات صغيرة من ثاني أكسيد الكربون وغاز الأكسجين فيه. وعند صب الماء في كوب، يتفاعل مع الشوائب الموجودة في الزجاج، مما يغير طعمه قليلاً. كما أن بقايا الطعام العالقة في الفم تؤثر أيضًا على طعم الماء عند أول رشفة.
أحد الأسباب التي قد تفسر تفضيل الماء البارد هو أن الجسم، بعد العمل الشاق، يكون في حالة حرارة مرتفعة. في هذه الحالة، يساعد الماء البارد على خفض درجة حرارة الجسم بسرعة، مما يمنح شعورًا بالانتعاش. لكن هناك أيضًا أسباب كيميائية.
أظهرت الدراسات أن برودة الماء تخفي تأثير بعض العوامل التي قد تغير طعمه. الشوائب التي تؤثر على طعم الماء تكون أكثر وضوحًا عندما يكون الماء دافئًا، بينما تختفي تأثيراتها في درجات الحرارة المنخفضة، مما يجعل طعم الماء البارد أكثر لذة.
كما أن شكل بلورات الماء يتغير مع اختلاف درجة الحرارة، مما يؤثر على إحساس براعم التذوق في اللسان. تحتوي حاسة التذوق على آلاف البراعم التي تستشعر أنواعًا مختلفة من الطعم، وترتبط هذه البراعم بخلايا ترسل إشارات إلى الدماغ، مما يجعلنا نشعر بالطعم.
عند تناول الأطعمة والمشروبات، يتم استشعار الملوحة من خلال خلايا براعم التذوق الخاصة بالملح، بينما يتم استشعار الحموضة من خلال تفاعل المستقبلات مع الأحماض. هذه التفاعلات الكيميائية تحدث بسرعة، مما يفسر كيف يمكن أن يتغير طعم الماء بناءً على مكوناته.
لقد حظي الماء باهتمام العديد من العلماء، ومن بينهم العالم الياباني ماسارو إيموتو، الذي تناول في كتبه تأثير الماء على الحياة. إيموتو، الذي حصل على دكتوراه في الطب البديل، قدم دراسات حول كيمياء الماء وتأثير الموسيقى والأفكار عليه.
في كتبه، أشار إيموتو إلى أن البلورات المتكونة في الماء تتغير بناءً على الأفكار والمشاعر الموجهة إليها. المياه النقية التي تعرضت لكلمات إيجابية تظهر بلورات جميلة ومعقدة، بينما المياه الملوثة تظهر بلورات غير مكتملة.
الماء هو عنصر أساسي للحياة، حيث يشكل حوالي 60-70% من جسم الإنسان. نقص الماء يؤثر سلبًا على العمليات الحيوية، مما يجعلنا أكثر عرضة للإجهاد والمرض. يحتاج الإنسان عادة إلى حوالي ثلاثة لترات من الماء يوميًا، ويجب زيادة هذه الكمية في الطقس الحار.
في القرآن الكريم، ذُكر الماء في مواضع عديدة، مما يبرز أهميته في الحياة. فقد شبه الله الحياة الدنيا بالماء، مشيرًا إلى زوالها وسرعة انقضائها.
لذا، يجب علينا أن نُقدّر قيمة الماء وأهميته في حياتنا، خاصة في زمن