سَبْعٌ عاتيات
فيكتشف بعد هذه السبع العاتيات.. أنها لم تكن إلا ليحلّ لغز نفسه المعقّدة.
سَبْعٌ عاتيات
واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة.. سبعة!
سبعة مرّت بكلّ ما تحمله من معنى.
معنى لن يفهمه إلا من جرّبه، وخاض التجربة بنفسه لينجو بما تبقى له منه، ويتأمّل لغزا يشدّه إليه، لا يبرح حتى يعلن فكّ طلاسمه.
فيكتشف بعد هذه السبع العاتيات..
أنها لم تكن إلا ليحلّ لغز نفسه المعقّدة.
هذه السبعة التي وإن كانت قد طبعت على سلوكه شيئا راسخا فلن يُنافس الاستغناء شيئا آخر.
علّمتهُ بحرفية ودرّبتهُ بامتيازٍ على التخلّي وتخفيف النفس ممّا يشغلها.
تمرّني الآن ذكرى الشاعر الزاهد في العصر العباسي أبي العتاهية.
وتوبته عن هذه الدنيا بعدما جرّبها، فيقول في أبياتٍ كتبها بأصدقِ الذي جرّبه وشعر به:
"قطّعتُ منك حبائل الآمال
وحططتُ عن ظهر المطيّ رِحالي
ويئستُ أن أبقى لشيء نلتُ ممّا
فيكِ يا دنيا وأن يبقى لي
فوجدتُ برد اليأس بين جوانحي
وأرحتُ من حلّي ومن ترحالي
ولئن يئستُ لربّ برقة خلّبٍ
برقت لذي طمع وبرقة آل
فالآن أبصرتُ السّبيل إلى الهدى
وتفرّغت هممي عن الأشغال..."
لَكم أحببتُ هذه الأبيات!
ولكم بكيتُ وأنا أقرأها لأوّل مرّة!
إلى أن وجدتني بلا وعيٍ منّي..
أُسجّل صوتي وأنا أقرأ الأبيات ملحّنة إياها بطريقتي التي اعتدتها.
هكذا حفظتها.. وهكذا جرّبتها!
بصوتي الذي سمعته مرارا وتكرارا.
وبصوتي الذي عند كل نبرة كان يقصدُ معنى ما.
وكنتُ أنا بدوري
أفهمُ ذلك.
مجلة الأستاذة
