تعلم الامتنان لتناقضات إنسانيتك!
ولتناقضات الإنسان سحر لا يُقارن!
للتناقض مذاقه الخاص.. فأنا لم ألمس النور الكامن بي إلا بغرقي في الظلام القابع بأعماقي.
تعلم الامتنان لتناقضات إنسانيتك!
ولتناقضات الإنسان سحر لا يُقارن!
أن تكون اليوم طفلاً لا يكترث بمستقبل ولم تجرح المسؤولية كاهله بعد، لا يطلب من حاضره سوى أن يقتنص منه لحظاته الخاصة.. لحظات طفولته وبراءة خطواته وإن كانت هزلية مشتتة لا معنى لها..
وتستيقظ في الصباح بعقل رشيد يهلكه البحث في إشكالية عذاب البشرية محاولاً وضع حداً لألم الإنسان.. أن تبحث عن المعنى ذاته الذي أضعته بالأمس جراء عبثك الفارغ!
أن تسرق من الزمن دقائق من سعادة غامرة تكاد تشق ضلوعك من فرط بهجتها وأثرها على قلبك الظمآن..
وتحافظ على زاوية مظلمة بقلبك تلمس بها حزناً يُعيدك إلى ضعفك الفطري، فتعي إنسانيتك وبحق..
أن تنظري لملامحك النضرة بإعجاب صباحاً، تتأملي أنوثتك غير المعهودة، وتتقلبي بثقة جامحة بين تضاريس وجهك الثائر بالحياة..
وتُهشمي مرآتك ليلاً وكأنها تحجب شبحاً مخيفاً ينتظر الفرصة لافتراسك بلا ذرة شفقة!
أن تكون سيد الثرثرة، لا يقوى مخلوق على إسكاتك، حتى أن الأبجدية لا تكفيك للتعبير عن أفكارك وثورة الكلمات الجارفة بداخلك..
ويختارك الصمت الصديق الأوفى له، فلا تجد من الحروف ما يستحق العبور لعالمك، ليكون الحل الأمثل لك في معركة الصمود..
أن تنتشلك من قبضة الجهل، يصبح العلم هو شربة الماء ونسمات الهواء والدواء، يصبح السر والقيمة التي تطمح إليها..
وبين ليلة وضحاها، يصبح العلم هو الداء الذي يُعرقل صفو أيامك في التفكر والوصول، فلا تجد إلا لفظه بعيداً عنك لتحيا أيامك المعدودة بسلام..
أن تتمايل بين الأغصان بحرية دون أن تخشى تقلبات الفصول، أن يكون العالم محدود ضيق لا يتسع لكيانك المنطلق بخفة وقوام ممشوق..
وتُقيد خطواتك وتتخذ غرفتك موطناً لك ومأوى لجسدك المنكمش الهزيل، وكأن الشيخوخة أطاحت به دون سابق إنذار!
أن تكون .. ولا تكون!
فالحياة لم تُخلق بهذا الكمال، والبشر لن يكونوا بهذه المثالية المزعومة يوماً ما..
أن تتنسم وجودك بتفاصيله الدقيقة، تنتزع روحك من عدم الدنيا، وتنشق عن قطيع الفكرة..
وأن تتقيأ ثباتك، تخلع سترة فلسفتك وتحيا لحظات خاطفة، بعيداً عن أمواج الواقع..
للتناقض مذاقه الخاص.. فأنا لم ألمس النور الكامن بي إلا بغرقي في الظلام القابع بأعماقي.
