تطوير الذات - خاطرة عن تجلّي السّر

ستعيش حياتك ببساطة مختبراً وجودك على كوكب يلفّ حول نفسه في اللامكان - مايكل سينغر .
6 min read

تطوير الذات - خاطرة عن  تجلّي السّر

تجلّي السّر

ستعيش حياتك ببساطة مختبراً وجودك على كوكب يلفّ حول نفسه في اللامكان - مايكل سينغر .

" I did not complain for 24 hours and it completely changed my life "

تطوير الذات - خاطرة عن  تجلّي السّر

طريق أخّاذ في قلب الطبيعة ، يتماهى ضياء الشمس معه بطريقة يستحيل لوعي بشري تحمل مدى حُسنه ، تحفّ الأشجار

جانبيه ، روحٌ وعقل يمشيان سويّاً في هذا الطريق الفاتن ، تتأمل الرّوح جمال الطريق ، تنظر للأشجار مُلقية تحيتها الحيّة على

أوراقهن ، تتعجب الرّوح من رسوخ الشجرة ، تسقط أوراقها وتنبُت ، تذبل زهورها وتتفتح ، وهي على حالها باسقة شامخة ، لا

يُضعفها سمود عابر ، ولا يهزها لئيمٌ ماكر .

تمشي الروح الخفيفة بطرب ، باغتها العقل يتشكّى :

_ نحن تائهان ، مللت المشي .


_ لكن انظر لما يحيطك من جمال ، يشحنك بسلام غامر .


_ لقد تعبت وتنقُصني الطاقة ، أزعجني صوت السّنونو ، وآلمني شوك الطريق ، الحرّ قاهر هنا .

شعرت الروح بالثقل ، لكنها سرعان ما أزالت آثار كلمات العقل ، وعادت مسرورة متفائلة ، غامت السماء ، وأسقطت المُزن

الماء ، فرقصت الروح ابتهاجاً ، وأغمضت العينين إجلالاً ، فاشتكى العقل الحال :

_ يا روح قِي نفسكِ البرد وإلّا تمرضي ، وستتكبدين عناء تجفيف الملابس بعد إشعال نار هذا إن استطعتِ ، سيحلُّ الظلام قريباً ،

وانا أكره الظّلام ، أين سننام ؟

_ يا عقل كُفَّ عن الشكوى ، لن أمرض من غيث ربي ، وإن مرضت فأيام معدودة وسأعود كالنّسمة أخف حِملاً وهذا من رحمة ربي ،

سنجد مكاناً للمبيت ، فقط كُف عن بث الرَوْع في الطريق .

تمشّت الروح على العشب النديّ ، اقترنت الروح بالأرض ، اتصلت بمنبتها ، فجاءها صوت تذمر العقل :


_ لا أحبُّ العشب ، فماذا لو كانت بين أوراقه نملة ، أو حشرة كبيرة ، أو ربما أفعى مختبئة ، ماذا لو كان هناك زُجاج مكسور ! .

ضاقت الروح بالعقل ذرعاً ، لم تلتفت إليه ، حل الظلام ، واستلقت الروح فوق العشب تراقب النجوم في هدوء حتى قاطعها العقل :

_ انا أشعر بالبرد ، ولم نستطع إشعال النار ، ولم نجفف الملابس ، سنموت حتماً هنا ، أشعر بالتّعب ، ولن أستطيع النوم هنا


مُطلقاً ، انا جائعٌ أيضاً ، وحتى لو استطعتُ النوم هنا ، ماذا عن الغد ؟ ، أين سنذهب ؟ ، وكيف سنصل ؟ ، و إلى ما سنصل ؟ ، أين

المُخلِّص ؟ .

_ المخلِّص هو صمتك ، أنتَ أحمق كبير .

لقد ثقُلت الروح كثيراً واختلط صوت العقل بصوتها ، حتى ظنّت بأنها العقل ، أصابها الكسل والتّعب ، لم تعد مرحة ، وانطفأ نور

الحياة فيها .

أضاعت الروح الحُبُك ، فتاهت أكثر ، حتى قطعت طريقها هالة منيرة ، روح متحررة من صوت العقل ، فقالت لها :

_ ما الذي أخمد نيران الحياة فيكِ يا روح ؟


_ لا أعلم ، لكنني ما عُدت أحب الحياة ، إنها ثقيلة ، يصعب فهمها ومملة .


_ كلامك لا يشبه روحانية مكنونك ، وكأنه كلام العقل !


أضاءت فيها وهجاً ، تذكرت الروح هُويتها ، وأدركت وجود العقل وتأثيره عليها ، لكن كيف الخلاص منه ، فهو رفيق دربها الأبدي ،

فلا روح بلا عقل !

سألت الروح روح الهالة البرّاقة :

_ أيتها الرّوح السّامية ، كيف سَموتِ والعقل رفيقك ؟ ، كيف تجلّى نورك وصوت العقل لا يرحمك ؟

_ يا روح أخبري عقلك بأن يكفّن الشكوى ، ويستبدلها بانتقاء الأفكار ومراقبتها ، أخبري عقلك بأن الحياة لطيفة ، وبأن كل

فكرة تراوده هي أيضاً تراود غيره من العقول ، لكن الحكمة تكمن في عدم الالتفات للمزعج منها ، فقط ليدعها تمرُّ بسلام ،

بهدوء ، حتى تختفي ، إن للعقل قوة فقط تعلّمي التعامل مع عواصفه ، وتذكري أنتِ لستِ العقل يا روح ، وأنتِ لست الأفكار .

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق