![]() |
| زار الخوف قلبي,فانتحر |
زار الخوف القلب فانتحر، شبحٌ انسلّ من بين نبضاته المهزومة، ترك وراءه ظلالًا من الحزن تتكاثف في الزوايا. محاولاتُ النور التي انطلقت من أصابعٍ أرهقتها المسافات، تُفتِّش عن شِعر يُلهم الحياة وسط عتمة تتكاثر، حيث اليد خشبٌ متيبس والحائط ملاذ يئن تحت وطأة الوجوه المنكسرة.
زار الخوف قلبي,فانتحر
ذات ظهيرة حارقة، تجسّدت صورةٌ تُخلَق من عثراتِ الصيف؛ تجلس بشعرٍ مشوّش يبدو وكأنه مرآة معبرة عما يختبئ داخله. الأرض والجدار الباردان يستقبلان جَسدًا تمنى لو أنه يستطيع سرقة بعضٍ من تلك البرودة. ولكن يبدو أن دفقات الشمس اجتاحت روحها واستقرت فيها دون سبيل للغروب. يسكن رأسها صيفٌ لا ينتهي، والشجرة التي تتمناها تظلّ مجرد حلم بعيد؛ مظلة لن تأتي، وحركة الآخرين تمر بلا أدنى التفات.
أدمنت مُدن الهروب، سواحل المنفى، وأجنحة السفر التي تُحلق معها يوميًا في عوالم لا تراها سوى على أوراق الشجر. تصنع قصورًا وهمية، تزرع بساتين أمل على قمر مُتجاهل، لكنها ما زالت واقفة في صحرائها، شمسها عامودية تسقي الصبار وتنكّب الرياح الساخنة. مشهدُ الجوارح العابثة والسحالي الهائمة يكتنف عزلةً لا تتزحزح.
احتضنت رغبةً بالصراخ علها تحرر صدرها من الاختناق، لكن الهواء رطب كئيب، والسراب ملاحِق لا يكلّ. ربما يكون طلبها الساذج الآن مجرد لحظة ظلّ يقيها من وهج الشمس. هي سلختها الحرارة وبخّرت كل قطرة ماء تحملها بين ثناياها، تاركةً طاقة الحياة معلقةً بخيوط الأمس وغموض الغد.
ومع كل ذلك، تسأل نفسها بصوتٍ ضعيف ونظرة تائهة: "متى ستمطر؟" سؤالٌ يتردد بين أصداء الصبر المُنهك. هتف صوتٌ جارحٌ من بعيد مفككًا السكون: "منذ متى وأنت هنا؟" نظرت بخوف نحو مكان الصوت، باحثة عن تفسير، فأعاد الصوت بصيغةٍ أشد قسوة: "ما الذي جاء بك وتاه بك هكذا؟ من هجرك هنا بلا رحمة؟"
أسئلة طُرحت على قلبها المحطم، أسئلة كانت تبحث عن أجوبة ولكن دون جدوى. صغيرة تائهة في صحراء ممتدة بلا نهاية، كأنها سُجن حيث تدور العقول وتتخبط الأرواح دون رحمة أو مخرج واضح. جاءت تبكي ليخونها جسدها المتعب؛ وذاك الصوت الغريب يضحك ويصيح معلنًا: "اليوم سنأكل!"
وبين أصداء الحزن والمشهد الصحراوي القاسي، تلفّتت تلك المسكينة نحو السماء لعلها تلمح نجمة الأمل التي طال انتظارها وهي ترى أجزاءً منها قد انشطرت تمامًا على جدار العزلة. انسكب القلب وأصبح أنهرًا من بعثرة الكلمات، لتكتمل صورة إنسانٍ كان يومًا بريئًا، حقلًا أخضر يعج بالألحان ولكنه اليوم يحيا فقط في ذكريات منكسرة.
زار الخوف قلبه فانتحر؛ وانكسر ذاته المغنّاة مثلما كسرت الشمس عنادها وغمرت لياليه بالصمت. رحلة كانت قائمة على تحدي الحياة، لكنها انتهت بانشطار روحٍ بحثت طويلًا دون نجاح عن أسباب النجاة تحت شمس لا تغيب وشعر يعجز عن الإلهام أو الحلول.
برجاء الإنتظار قليلا والإستمتاع بمشاهدة الفيديو
مجلة الأستاذة
للمشاهدة باليوتيوب اضغط على الزر اسفل.
إذا لم يتم تنزيله تلقائيًا ، فيرجى النقر على إعادة التنزيل. وإذا كان الرابط معطلاً ، فيرجى الإبلاغ عبر صفحة نموذج الاتصال في هذه المدونة.

تعليقات
إرسال تعليق