القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد بالفيديو| كبسولات زمنية بعض رسائلنا تتضمن أهم آمالنا و آلامنا..وقد تعود إلينا لتذكرنا بما كنا عليه..

Time-Capsules-Some-of-our-letters-contain-our-most-important-hopes-and-pains
كبسولات زمنية  بعض رسائلنا تتضمن أهم آمالنا و آلامنا

هناك شيء مميز في بعض الرسائل التي كتبناها عبر السنين. تلك الرسائل لم تكن مجرد كلمات تُكتب، بل كانت مرآة تعكس أعمق آمالنا ومخاوفنا، وربما تأتي لتزورنا يوماً ما، شاهدةً على ما كنا عليه ومن كنا نسعى لنكون.

كبسولات زمنية: رسائل من الماضي


دائماً ما أصف رسائلي القديمة بأنها كبسولات زمنية. فمنذ سنوات طويلة، خلال أسفاري سواء كانت للدراسة أم العمل أم حتى الترفيه، كنت أحرص على البقاء على تواصل مع أصدقائي المقربين عبر الرسائل البريدية التقليدية. إنها طريقتي في اصطحابهم معي، مهما كنت بعيداً. كنت أكتب لهم عن تفاصيل يومياتي، أحكي عن تجاربي، وأسرد انطباعاتي. أشاركهم أفكاري وأحلامي، أبثهم همومي ومخاوفي، وأحياناً أطلب نصائحهم حتى لتفسير حلم غامض أرّقني. بل وكنت أرسل لهم مسودات أبحاثي وتقاريري لتعليقاتهم ورؤاهم.

وبعد أن أرسل رسائلي، كنت أنتظر الرد بشغف. وقت الانتظار كان يملؤه القلق أحياناً، ولكن بمجرد وصول الرد، كنت أرتمي في محتوى تلك الرسائل، أقرؤها مرات ومرات. تغمرني السعادة لتعليقاتهم، يهدأ قلقي بتطميناتهم، وأعيد التفكير بعمق في نصائحهم القيّمة. ومع الزمن، تحول البريد الورقي إلى الإلكتروني، لكن طبيعة تلك العادة الجميلة بقيت كما هي.

المسألة المثيرة للدهشة أن بعض الأصدقاء الأعزاء يفاجئونني بين الحين والآخر برسالة واتساب تحتوي على صورة لجزء من إحدى تلك المراسلات القديمة. وبالرغم من دهشتي، إلا أنني في كثير من الأحيان لا أتذكر حتى أنني كتبت تلك الكلمات. الكم الهائل من المشاعر التي تحملها بعض تلك الرسائل أذهلني. هناك أمور كنت أتحدث عنها بحماسة وأتساءل الآن: "لماذا كنت أهتم لهذه الدرجة؟". وهناك أحلام بدت مستحيلة تحققت أخيراً رغم شكوكي الطويلة. ربما الدرس الأعمق الذي تعلمته من هذه المواقف هو أن التغيير في داخلنا مستمر، حتى لو كنّا لا نشعر بذلك مباشرة.

الكتابة واحدة من أعظم الأدوات لمعرفة الذات ومصارحة النفس. إنها ليست مجرد كلمات نسطرها على الورق أو على الشاشات؛ بل هي مرآة تعكس ما نحمله في دواخلنا. الكتابة تفتح لنا جانباً خاصاً للتفاعل مع أنفسنا وأفكارنا. إن واجهتنا مخاوف، فإن مجرد كتابتها يبدد جزءًا كبيرًا منها. وإن راودتنا أفكارٌ مشتتة، فإن التعبير عنها يهذبها وينظمها. وإن كانت تلك الكلمات عن أحلام، فإنها تجعلها ملموسة وتشعرنا بخطى صغيرة نحو تحقيقها.

هذا المفهوم يذكرني بممارسة تقوم بها بعض المدارس في الغرب مع طلابها الصغار. يُطلب من الأطفال كتابة رسائل لأنفسهم المستقبلية ويحتفظ بها المدرسون فيما يُطلق عليه "كبسولة الوقت". تُفتح هذه الكبسولات بعد مرور سنوات ليقرأ الطلاب تلك الرسائل ويسترجعوا أحلامهم البريئة وتطلعاتهم السابقة، ويلاحظوا كم تغيروا ونضجوا على مرّ الزمن. وليس الأطفال وحدهم؛ بعض الشركات والمنظمات تنفذ فكرة مشابهة عن طريق تخزين وثائق أو منتجات في كبسولات معدنية محمية ودفنها لسنوات عدة قبل إعادة فتحها.

في هذا العالم الذي يحمل تسارعاً رهيباً في كل المجالات، نجد أن انتشار الهواتف الذكية واستخدام الكتابة النصية كوسيلة تواصل بات بديلاً يشكل فرصة رائعة لخلق حوار أكثر عمقاً مع الأصدقاء والأحباء. للكتابة سطوتها وسحرها الخاص الذي يعيد بناء الروابط بأكثر الطرق دفئاً وإنسانية.

أشعر بامتنان كبير لأصدقائي الذين حافظوا على هذه الرسائل القديمة واحتفظوا بها كذكرى ثمينة. وربما كانت بعض تلك الرسائل تتضمن هراءً أو فضفضات عابرة، لكن قيمتها اليوم لا تقدّر بثمن. لازلت أنتظر منهم أن يفاجئوني بالمزيد متى تسنّى لهم الوقت لذلك، وأفكر في الاستمرار بهذا النهج الذي يمزج الذكريات بالوعي المستمر لمسار حياتي.
برجاء الإنتظار قليلا والإستمتاع بمشاهدة الفيديو

مجلة الأستاذة

للمشاهدة باليوتيوب اضغط على الزر اسفل.
إذا لم يتم تنزيله تلقائيًا ، فيرجى النقر على إعادة التنزيل. وإذا كان الرابط معطلاً ، فيرجى الإبلاغ عبر صفحة نموذج الاتصال في هذه المدونة.
شاهد مواضيع مميزة قد تهمك ايضا

تعليقات

ليصلك كل جديد تابعنا بالضغط على الصورة

اضغط لمشاهدة الفيديو