تدوينة خططتها.من أجل الأشخاص الذين يخونهم النوم ليلا؛ومن أجل الأشخاص الذين يلازمون بيوتهم طوال الأيام السبعة دون عمل أو فعل قد يغير حياتهم.
أطراف الليل
في جوف الليل؛ تراهم يتسامرون،يعانقون الحروف؛ ويتغزلون بالنسيم العابر عبر النافذة ،يتلذذون بطعم القهوة والسكون ؛ يبتسمون للقمر ونجومه. فمنهم من يسهره الشوق والحنين ؛يأخذه إلى الابتسام تارة والإكتفاء يإيماءة رأس خفيفة تارة أخرى. ومنهم من تسهره الإمتحانات وتؤرقه النقط والأقلام، وضغوط الدراسة والتعلم، يطمع أن يصل إلى مبتغاه من وراء السهر. ومنهم من يتعبه النهار فيشكي لليل همومه وحزنه،يأمل أن يجد لنفسه مكانا بين طرائف الليل وسكوته. يتعبه النهار؛ فيتخذ من ضوء القمر ملجأ وطريقا نحو النسيان ؛ على أمل أن تتحسن الأحوال يوما ما؛ أو في اليوم التالي.
وأنا؛لا أجد لنفسي مكانا، لا بين النجوم ولا بجانب القمر، لا أتخذ لنفسي ملجأ من غير سريري المهترأ، سريري الذي تسمع أهازيله وزعزعاته حتى الشارع المقابل، لا أجد لنظري حدا ؛ سوى سقف بيتي بتفاصيله الملهمة، تلك التي تحمل كل واحدة منها خبايا كثيرة من خلفها، سقفي الذي يمزج بين ثلاثة ألوان، أصلها أبيض فبدأت تأخذ من الأسود والبني أصدقاء لها. ذاك الأبيض كالثلج ، أصبح يتساقط أحيانا على ناظري. يذكرني بقطرات المطر التي ترافقني في ليلي وتغازلني خلال فصل الشتاء.
لكن ما يؤرقني ويجعلني أشيح بنظري تارة بسرعة وتارة أخرى لا أهتم. هو تلك النافذة. النافذة التي تطل داخل قلبي،وترى ما يجري خلف خاطري . أرى من خلالها بالنهار؛أناسا فرحين ؛نشيطين؛رياضيين وحتى تعساء وحزينين. وألمح من خلالها بالليل،شبانا يتمشون فوق الثلج بسهو وتثاقل وحزن كبيرين.
كم أتمنى لو أنني أقفز وأؤنسهم في وحدتهم، أن أشاطرهم همومهم؛ وأتقاسم معهم همومي وأحزاني، لعلنا نرتاح قليلا. فعلا أتمنى أن أكون مكانهم،لولا هذا الكرسي التعيس، الذي يقعدني طريحته نهارا؛وأسيرة لسريري ليلا.
في جوف الليل تحدث الطرائف،تلك الطرائف تكشف الحقيقة المرة. الحقيقة التي أحاول إخفائها جاهدة بكل ما تبقى مني من قوة؛بعدما أهدرتها في السراب الذي جرني نحو القاع السحيق.
