شريف نبيل : رحالة مصري يجوب بلاد الله
" أراضيه فين؟! " .. بين الأدغال ومدينة الجن، رحالة مصري حول العالم بعدسة " يوتيوب ".
شريف نبيل : رحالة مصري يجوب بلاد الله
- شريف نبيل : السفر " تجربة حياتية " .. اكتشفت خلالها من أكون قبل أن أكتشف أرض الحياة.
- " ابن بطوطة " يعود من جديد بنسخة مصرية
متعة السفر تكمن في الرحلة، من بداية التخطيط للمقصد حتى الوصول، تعصف بك لحظات قاسية فتشعر بأن قرار السفر هو أصعب قرار قد اتخذته طوال حياتك، ولكن سرعان ما يزول هذا الشعور بمجرد أن تدب روحك بأرض جديدة، قد تكون فيها الغريب، الغريب حتى عن نسمات لم تشهدها من قبل، ولكن برغم غربتك فأنت المستمتع بما سوف تعيشه من لحظات تُكتب في تاريخك، تاريخ يُسطر بأول خطواتك في عالم لم تكتشفه بعد ولكن رحلتك على كامل الاستعداد لانطلاقها.
بطبيعة الحال البشري تشعر بأنك تحتاج أن تنسلخ منك من حينٍ لآخر، يجتاحك شعور بأنك في قمة الاحتياج للتحرر، للاكتشاف والبداية مهما كلفك الأمر، تشعر وكأن روحك قد سأمت من كونها لا تتنسم هواء جديد يمنحها معنى من معاني الوجود، معنى وجودها، وتتساءل:
لِمَ لا؟!
ما المانع في أن أتغلغل في شعوب العالم وأُهشم الحدود؟!
ماذا يُقيدني عن براح الكون؟!
تشعر وكأن هناك أرضًا تنتظر منك أن تلتفت إليها، تنتظرك على أحر من الجمر انتظار الأم لطفلها الضائع منها لدهور، عالم و كون آخر يناديك ويشتاق إلى مصافحة كيانك، فتعود إليه عودة المغترب إلى وطنه الكبير، فالحق أن العالم هو وطن الإنسان الأكبر مهما تعددت أراضيه، الوطن الذي يحتضنه عند شعوره بغربته، ويحكم قبضته عليه مخافة الضياع منه من جديد.
تعزم النية على اجتياز حدود المنطق وتنطلق، ومن هُنا، تبدأ رحلتنا اليوم، رحلة مليئة بالأسرار والمغامرات والمشاعر الإنسانية المتناقضة.
رحلة تحولت إلى أسلوب حياة دون أن يكون ذلك في الحُسبان، أو بمعنى أصح هي حالة لن يمر بها الإنسان إلا مرة واحدة في عُمره، يمحي بها الماضي ويبدأ من خلالها صفحة جديدة وكأنها ولادة حقيقية له.
- " اللي فات مات وإحنا ولاد النهاردة "
هي حقيقة أثبتها لنا رحالة اليوم، وعلى غرار ذلك اتخذت قراري أنا الأخرى بأن نُصاحبه في رحلة لن تتعدى الدقائق المعدودة، قائدنا فيها هو " ابن البلد "، مصري حتى النخاع، حب الاستكشاف يسري بدمه كما النيل، فلتتأهبوا لرحلة بطعم مصرنا الحبيبة وتحت سماء الكون الكبير .. الكون الأب.
- شريف نبيل
هو " بوصلة " رحلتنا لليوم، مالك خريطة الطريق وصاحب بصمات حُفرت في كل مكان نزل به، صحراء كانت أو في أعماق المحيط، تارة يتغنى على أنغام قبائل " الداتوجا " ببلاد شرق أفريقيا، وتارة يتسامر مع أشباح " مدينة الجن " بتركيا. نتعرف عليه اليوم كما تعرفت عليه الطبيعة وآلفته.
اليوم .. نسبح معه في بحور العالم، من الشمال إلى الجنوب نتشرب قصص اللامعقول، ومن الشرق إلى الغرب يلتقطنا الخيال إليه بحواديت لم نسمع بها سوى قبل النوم، هو خيال تحقق على أرض الواقع واستطاع تحقيق المستحيل حتى أصبح مألوفًا له، دون قيود أو شروط، تحققت المعادلة الصعبة.
" ريشة ف هوا "
نتمايل كما تمايل بخفة على شواطئ أجمل بقاع الأرض، ونتماسك بحذرٍ في أصعب الأدغال الإفريقية، بين لحظات الترقب والذعر، ولحظات البهجة والانطلاق سوف نكون، بتوجية من قائد الرحلة وتبعًا لتعليماته، فتنغمس روحك في حضن الأرض وينتعش نبض قلبك كما لم تعهده من قبل؛ والسر في معنى الرحلة.
والآن .. استمتعوا معنا برحلة حول عالم تُحبس فيها أنفاسك من قدر جمالها، وامنح لوجودك معنى وجوده وحقه في أن يكتشف عالمه الفسيح، انطلق دون أن تبتعد عن حدود غرفتك، ولكنك ستنشق معنا عن حدود المعقول بوصفة مصرية أصيلة.
شريف نبيل.. رحلة الأسرار يبدأ نجاحها من قائدها
1- في البداية قبل أن ننطلق إلى أول مراحل رحلتنا .. نود أن نشكرك على قبولك بهذا الحوار وبالتأكيد سوف يكون ممتعًا بالقصص المشوقة، و يُسعدنا أن نتعرف عليك أكثر .. فمن هو شريف نبيل؟
- أنا إنسان يعشق السفر، منذ أن كنت صغيرًا وأنا أعشق الأماكن الطبيعية، تسحرني وتأسرني بجمالها، ومؤخرًا أصبح هدفي الوحيد أن أسير بدروب الحياة في رحلة أكتشفني من خلالها.
كان مجالي يُحتم علي السفر كثيرًا، وكان استقراري في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن عندما ظهرت بصمات الــ " كورونا " على العالم كله غير هذا من مساري، وقررت أن تكون بداية جديدة لي، خبرة وتجارب اكتسبتها من خلال مسيرتي: "مسيرة 25 دولة قرابة الــ 80 مدينة حتى الآن" .
بدأت بتسجيل لحظات سفري من خلال " إنستاجرام " وكان ذلك بجانب عملي قبل أن أستقيل، ومن بعدها تأكدت أنني يتوجب علي اختيار طريقًا واحدًا من بينهما: العمل أو السفر ، فكان القرار بما أنا عليه الآن، فقد كان من الصعب أن أجمع بينهما خاصةً وأن عملي كان يلزمني بالمسئولية الكبيرة وبذل المجهود من أجل الاستمرار به، ولكن حجر أساس النجاح بدأ معي من عملي واستمر في تحقيق شغفي.
حالياً توجهت إلى رحلتي الخاصة والمقصد هو العالم بأكمله، بتقديم نصائح وإرشادات تهم محبي السفر ومن يود بأن يبدأ باكتشاف العالم.
2- فكرة تسجيل رحلات السفر ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت في الوقت الحالي فكرة مُحببة لفئة كبيرة من الشباب، منهم من يقوم بها من أجل حبه للسفر ، ومنهم من يكون هدفه من خلالها هو هدف مادي بحت بعيدًا عن القيم التي يخرج بها من تجربته، فما هو هدفك على وجه التحديد من هذا؟
- المعنى والافادة ..
ألتزم دائمًا بأن لا يكون المحتوى الذي أقدمه يقتصر على المتعة البصرية وفقط، أو على امكانيات التصوير، فكثيرًا ما أجد محتويات فارغة!، قد تبدو ساحرة ولكن هذا السحر يكمن في " قشرتها " أما عن المضمون فهو فقير لا يمنح المشاهد أي قيمة، ولذلك أشعر بأن " المزج بين الاستمتاع بما يُقدم والوعي وهو سر نجاح العمل " .
أردت تشجيع كل من يُشاهدني على خوض التجربة، أنقل تجربتي البسيطة بكل مُنعطفاتها للمشاهد، فلكلٍ منا تجربته الخاصة وخبرته التي تختلف عن الآخر، وهدفي هو أن أدفع من يشاهدني إلى اتخاذ القرار بوعي ومعه كافة التفاصيل التي يحتاجها خلال تجربة سفره، فإن كانت تجربة من أجل السياحة فأعمل على توفير كل ما يحتاجه المشاهد من معلومات خاصة بأماكن خاصة بالسياحة في كل بلد أزورها، وبالفعل وردتني الكثير من التجارب التي سارت بنصائحي وكانت من أجمل لحظات حياتي أن أشعر بأن ما أقوم به حقق الهدف المطلوب.
3- منذ متى بدأت ترتيباتك لهذه الرحلات؟ وما هي الخطة التي وضعتها من أجل تنفيذ الفكرة بهذا الشكل؟
- البداية كانت 2018، برحلة إلى "جنوب إفريقيا"، ومن هُنا كان مؤشر الانطلاق، وقبلها انطلقت نحو آسيا ولكنها لم تكن مسجلة.
في أجمل أرض تشكلت جولاتي" إفريقيا "، وبعد 4 رحلات فيها على التوالي أيقنت أنها شارة البداية، كان القرار وبدأت تنفيذه في الحال، وحتى اليوم يتشكل قراري أمام عيني مع كل أرض أنزل بها بتسجيل لحظات رحلتي، مرورًا بالمواقف والأماكن والعلاقات الإنسانية بيني وبين سكان المدن، " بشنطة على ضهري " أسلك طريقي، قد يكون بالساعات والأيام في بعض الأحيان! " شنطة " أحمل بها هدف لن تكون لرحلتي معنى إلا بتحقيقه "التوعية والتشجيع"، بالطبع كل هذا لا يخلو من المواقف المضحكة والممتعة.
بدأ قراري حينما استقلت من عملي واخترت طريقي، مهما كانت العقبات يظل "الشغف والهدف" هو النور الذي يُضيء ظُلمة الطريق.
العام الماضي استكملت مسيرة "إفريقيا العظيمة" بــ 4 رحلات : كينيا، تنزانيا، زامبيا و زيمبابوي، وتظل إفريقيا هي مقصدي في الوقت الحالي.
وصلتني رسائل كثيرة تلخص مضمونها في: " فين باقي الفيديوهات؟! فين لينك "فيس بوك"؟ فين قناة "يوتيوب"؟"، وقد كان، وهو التطور السريع لرحلتي، أما عن رحلتي الحقيقية فهي تتشكل الآن خطوة خطوة ومغامرة مغامرة.
"واحد من العيلة".. شريف نبيل فرد أصيل من شعوب جنوب إفريقيا
4- " الونس " في السفر مطلوب في بعض الأحيان، كما قال عبد الوهاب مطاوع: " فترات السفر طويلة ومملة لمن ليس له رفيق في رحلته " .. فهل تسافر بمفردك أم أن هناك مرافقًا لك؟
- نادرًا ما أصطحب رفقة، مرات قليلة تكون معي صُحبة من أصدقائي وممن أرادوا خوض التجربة، فتصبح الرحلة واحدة على قلب واحد وبمجهود يتكاتف من أجل الوصول بسلام.
ولكني قد أدركت قيمة هامة جدًا وهي أنك لست وحدك حتى وإن كنت وحدك في رحلتك! فمن حولك وإن كانوا غرباء عنك هم أيضاً صُحبتك في طريقك، الاحتكاك بسكان المدن التي أنزل بها والانصهار بهم وبيومهم بكل تفاصيله هو ما يُضفي علي السعادة، فأشعر أن إحساس الغربة قد تبدد، فما من غربة برفقة أسرتك في الإنسانية.
أحرص دائماً أن أكون فردًا منهم، مخلصً لهم وفيًا للذكرى، فتبدأ رحلتي بحق، أتغلغل بهم دون أن يشعروا بأن غريبًا اقتحم أرضهم، فنحن البشر في احتياج دائم لبعضنا البعض، نتقاسم معنى الدرس الذي تختبرنا فيه الحياة الدنيا.
" كلنا ف مركب واحدة "، حتى وأن هدية السفر لي هي الروابط القوية التي كونتها مع الكثير منهم، فأصبحت صديقًا لهم في وقت بسيط ولكن بقيمة كبيرة.
5- إذا كان سفرك بمفردك بالطبع هناك عقبات واجهتك خلال رحلاتك .. إن كانت في الإقامة أو التكيف على البلد والمجتمع الجديد بتقاليده وعاداته .. كيف تغلبت على هذه العقبة؟
- لا مفر من التكيف والتأقلم، شئت أم أبيت.
حتى وإن كانت الثقافات لا تمت لثقافتي بأي صله، فأنا مُجبر على الغرق بثقافة كل شعب ألتحم به وأصبح جزءاً منه ولو لساعات، بالطبع العقبات كثيرة وكبيرة ولكنني وضعتها قاعدة أسير بها في دروب الحياة : السفر هي تجربة حياتية، لها ما لها وعليها ما عليها، كما نتخبط بالحياة نتخبط من خلالها بأيام كفيلة بسلب راحة البال، ولكن مهما تعددت وتوالت الأيام الصعبة التي قد تُنذر بعواقب وخيمة إلا أن كل أيام السفر رائعة بلا شك، وكل يوم من أيامه يتخلله درس ومعنى وقيمة تُشكل معنى وجودي.
6- " حلاوة البدايات " هي أول مؤشر لبيان صواب القرار من عدمه، فكيف كانت البداية في طريقك؟ مُبشرة أم توحي بالفشل؟! خاصةً في عالم "يوتيوب" الذي يحتاج للكثير من المجهود والمتابعة.
- من قبل أن أبدأ وأنا مُدرك كل الإدراك بأن النجاح يكمن في الاستمرارية، والاستمرارية سلاحها الشغف بما أقدمه، ومثل أي بداية يكون الوضع ليس أفضل ما يكون .. المشاهدات لن تكون بالملايين في أول خطوة، والآراء بين مؤيد ومعارض، مشجع وهادم، والوصول يحتاج إلى صبر كبير، وعندما وضعت هذا نصب عيني لم ألتفت للوراء ولم يُصيبني اليأس، فكما ذكرت أن القيمة هي مُحركي الأول والأخير، دونها لن يتضح المعنى مما أقدمه، فأنا أشعر بأنني أسير على النهج السليم حينما أدركت هذا، أبحث عن الفكرة وأفتش عنها خلال ترحالي وأسعى جاهداً لتقديمها، حتى وإن كانت النتائج غير مُرضية في البداية.
7- بمجتمعنا المصري يكون قرار السفر والترحال صعب على الأسر و عندما يكون قرار مفاجئ وبمفردك تصعب مهمة الإقناع .. كيف استقبل الأهل هذا القرار؟ فإما القبول والمباركة وإما " الوش الخشن "! هل وجدت التشجيع أم النفور من الفكرة وكيف كان رد الفعل على مغامراتك الصعبة؟
- بكل تأكيد هذا القرار من أصعب القرارات .. ولكن نظرًا لتفهم أسرتي وإدراكهم بأنني أسير على الطريق الصحيح حتى وإن لم تضح له ملامح في البداية، ولكن ملامحه الآن تتشكل رويدًا رويدًا.
أتذكر في إحدى الرحلات التي قمت بها في " تركيا " وتحديدًا في مغامرة لــ " مدينة الجن "، أصابت أمي حالة من الفزع والرعب عما شاهدته في هذه المغامرة، فقد شاء القدر أن يكون من أصعب الأيام التي وثقتها وفي أكثر الأماكن رعبًا، فلا شك أن ما أصابها هو رد فعل طبيعي أصابني أنا الآخر بعده، حتى أنها نهرتني كثيرًا لفرط ما أطاح بهدوء قلبها واطمئنانها، ولكن المغامرات برغم قسوة تفاصيلها إلا أنها تكون ملامح القلب، فيصبح قويًا في مواجهة الحياة.
والكثير من اللحظات الصعبة التي لن أنساها مثل رحلة بالقطار من أجل الانتقال من "جنوب باكستنان" إلى الشمال في 21 ساعة! حياة كاملة في يوم واحد، " أكل وشرب ونوم وحكاوي كل ده في القطر! "، تجربة السفر هي تجربة تمنحني خبرة سنين في أيام تُعد على أصابع اليد!
8- بعد الاستقرار الأسري والمهني فجأة تتخذ منعطفًا جديدًا ومختلفًا ورؤيتك له ولنتائجه في المستقبل مُبهمة غير واضحة لك .. صدقًا، ألم تشعر بأنها مُجازفة كبيرة لك؟!
- ولكني أحب السفر كثيرًا.
السفر هو من أهم محطات حياتي، كثيرًا ما كنت أزور بلدان عربية من أجل العمل وأيضًا السياحة، ولكن مشواري الآن هو شغفي الحقيقي، تعلقي به زاد في الفترة الأخيرة ولم يكن أمامي سوى اختيار طريق واحد، ما بين العمل والسفر، حبي لعملي كبير وقد تمكنت في وضع بصمة لي فيه وحققت إنجازات كانت كفيلة بأن تضمن لي مستقبلي واستقراري، ولكن رغبتي بتحقيق شغفي لم تُفارقني، حتى عصفت "كورونا" بإتزان العالم، وكانت السبب الأول لتقديم الاستقالة ومن ثم سلك الطريق الذي لن يصل لنهاية يومًا.
الرحلة لازالت في بدايتها.
9- نلاحظ من خلال ما تقدمه أنك مُحب لإفريقيا بشكل خاص، ومعظم رحلاتك الأخيرة فيها، في " زانزبار " و " رواندا " قدمت أروع مغامراتك .. وقد نوهت على صفحاتك الشخصية بأن " رمضان السنة دي من إفريقيا "، فما سبب ذلك في هذا التوقيت بالتحديد؟ صدفة أم تخطيط؟
- " بصراحة أنا بحب إفريقيا " .. من أجمل لحظاتي هي اللحظات التي أتنسم هواء الطبيعة الخلابة وإفريقيا كنز من كنوز هذه الطبيعة، في 2020 كانت رحلاتي فيها على التوالي بإجمالي 4 رحلات، وهذا العام أيضاً في إفريقيا بـ 4 رحلات ولكنها تختلف عن العام الماضي، و نظرًا لصعوبة دخول بعض الأماكن وغلق الحدود فتغيرت خطتي قليلًا ولكنها تظل في بلاد الأدغال والجمال.
سحر إفريقيا يوثق أولى رحلات المصري شريف نبيل: بحبها وبحب شعبها
10- برغم مصاعب السفر إلا أن فوائده تغلب سلبياته ومهما تعددت أهداف السفر يظل المعنى من وراء الرحلة هو الباقي مهما مرت السنين عليها .. فما هي القيم والمعاني التي اكتسبتها أو تمت أُعيد اكتشافه داخلك من خلال رحلاتك حتى الآن؟
- بالبنط العريض / الرضـــا.
ترسخت داخلي فكرة التكيف والتأقلم على كل الأوضاع، ومهما كانت اللحظات مؤلمة إلا أنها تحوي قيمة ومعنى كبير، شغلي الشاغل هو نجاحي في نقل هذه القيم إلى من يُصادف المحتوى الخاص بي.
بكل رحلاتي أيقنت أن الرضا هو العنوان الأصلي لكل الشعوب في بلادها وإن كانت بلا مأوى!، وهو ما أردت أن أقدمه للمشاهد حتى ينظر لما يُتاح له ويشعر بهذا الشعور.
أطفالًا تلهو في سعادة غامرة وإن كان الطقس " تحت الصفر " كما في شمال باكستان، ولكن هذا الشعور هو ما يمنحهم الدفء والسكينة، فما بين أيدينا هو كنز وتحقق هذا بما عايشته في أيامي القليلة في كل مدينة.
تحققت أمامي فكرة " اخوات في الإنسانية "، الكل يحيا تحت سماء واحدة دون تمييز، فشعرت بأن هناك روابط قوية وصلة متينة تجمعني بشعوب كل بلد، الجميع يشعرك بأنك فردًا منهم وقد عدت إليهم مجددًا بعد فراق طويل.
استطعت أن أكتشف كياني من جديد، فمع كل خطوة يتضح من خلالها جزء داخلي لم أكن أعرفه، تشكلت شخصيتي وصادفتني بعد الغربة الطويلة عن نفسي.
11- التحديات كثيرة وكبيرة ولكن التحدي الأكبر في أي تنقل بين البلاد الآن متمثلًا في تحدي " فيروس كورونا " .. كيف شكل هذا الوباء العنيد عائقًا أمامك في استمتاعك بكل رحلة؟
- "جالي كورونا! "
بكل تأكيد المسافرين هم أكثر فئة مُعرضة للإصابة بهذا الفيروس، اصابتي به كانت في " لبنان " بعد تسجيل عدد من الفيديوهات حينها وشعرت بالأعراض مثل إرتفاع درجة الحرارة وبعد المسحة تأكدت النتيجة " إيجابية"!
تم عزلي ولكنني لامست حينها معنى من معاني التماسك بين البشر، من المعاني التي كانت بالنسبة لي بمثابة هدية ثمينة من السفر، الجميع يتسابق من أجل المساندة والمساعدة، حتى أن صديقًا لي هناك كان في أشد الحرص على أن يمر بمحل إقامتي يوميًا فقط من أجل التخفيف من صعوبة الوضع الذي كنت فيه، الإنسانية في أرقى معانيها تتحقق مع كل لحظة خلال لحظات سفري من بلد لبلد، وبعد أن تم شفائي انطلقت من جديد لأستكمل مسيرتي الطويلة.
12- فيما يتفق مجال دراستك وعملك مع شغفك وولعك بالسفر؟ هل وجدت صلة بينهما أم أن الاختلاف هو سيد الموقف؟
- عملي تطلب مني السفر في بلاد كثيرة تختلف في ثقافتها وتقاليدها؛ ومن هُنا كنت أجد متعة كبيرة في التنقل من بلد إلى الأخرى، بل أنني أثناء فترات عملي بين البلاد عثرت على أماكن تستحق أن يتم توثيقها وزيارتها لما بها من بيئة غاية في الجمال، ومن ثم تهيأت الفكرة لي ولكني كنت انتظر اللحظة المناسبة لتنفيذها.
بالإضافة إلى أن عملي وشغفي بالسفر قد اتفقا على " القيادة وتحمل المسؤولية "، في مجال عملي كنت المسئول عن الكثير من المهام وكنت القائد للكثير منها، وهو ما تطلبه مني السفر أيضًا، أصبح يتوجب علي أن أضع خطة و أسير على نهجها حتى تنجح الزيارة وتمر بسلام، فقد كنت القائد فيما مضى والقائد أيضًا فيما هو آتٍ.
13- " الغربة كُربة "، حقيقة مؤكدة عن قسوة الغربة مهما بدت ساحرة، وخاصةً أنك تقضي شهر الخير " شهر رمضان " بعيدًا عن الأسرة، بالطبع هو إحساس لا تُعبر عنه الكلمات! فهل تضع لنفسك توقيتًا ثابتًا لانهاء رحلاتك بشكل مؤقت والنزول إلى مصر أم أنك لم تقرر ذلك بعد؟
- أحاول النزول بقدر المستطاع.. لمدة 5 أو 6 أيام تكون رحلتي إلى أرضي الغالية، فمهما كانت البلاد تحتضنني فأنا أنتمي للأرض الطيبة "مصر"، وفي البُعد يتضح هذا المعنى أكثر وأكثر، "بلدنا جميلة "، تستحق كل الاهتمام والحب.
أما عن فكرة النزول أو الطيران بشكل عام فأنا أحاول جاهدًا أن اُقلل منه؛ لتكاليفه ومشقته.
14- تقدم في رحلاتك المتعة بكل مكان تزوره ولكنك لم تكتفِ بهذا بل تُلخص أيضًا أهم الوصايا لمن أراد خوض التجربة، فما أهم الوصايا التي كنت حريصًا على مشاركتها مع من يشاهدون رحلاتك؟
- " سافر ثم سافر ثم سافر ".
دون أن يُصيبك الخوف من فكرة السفر وما يلحق بك من خلاله، هي النصيحة الأولى التي لا تغب عني في المحتوى الخاص بي، فهو يعكس تجربتي الخاصة للمشاهد، هي المضمون لكل رحلاتي، في السفر متعة ولكن إن كان الإنسان ينظر لجانبه المظ
مجلة الأستاذة
