يقول الله تعالى في الآية الخامسة عشر من سورة “العلق”: “كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية”، وسنعرض لكم تفسير هذه الآية الكريمة كما يراها علماء التفسير.
تفسير قوله تعالى: “لئن لم ينته لنسفعا بالناصية” للقرطبي
يقصد المولى عز وجل في قوله تعالى: “لئن لم ينته” أبو جهل عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم، “لنسفعا”، أي لنذلنه بالناصية، أو يقصد بها يتم طوي قدميه مع شعر رأسه يوم القيامة ثم يلقى في نار جهنم، تماشيا مع قول الله تعالى: “فيؤخذ بالنواصي والأقدام”، ويقول القرطبي انه بالرغم من ان هذه الآية يقصد بها أبو جهل إلا أنها تعد تهديدا ووعيدا لمن لا يطيع أوامر الله أو يمنع غيره من ذلك، بينما علماء اللغة يرون أنه عندما نقول” سفعت بالشيء تعنى القبض عليه بعنف وجذبة بطريقة شديدة، لذا يقال في اللغة: سفع بناصية فرسه، وقيل أيضا أنها مأخوذة من قول سفعته الشمس أو النار، بمعنى حولت لون وجهه إلى اللون الأسود.
أما معنى الناصية: فإنها تطلق على شعر مقدمة الرأس، ومن الممكن أن تطلق على جسم الإنسان كاملا، مثلما يقال: تلك ناصية مباركة، كدليل على جسم الإنسان كاملا، وقد ذكر الله تعالى لفظ الناصية بالخصوص تعبيرا عن الإمعان في المهانة والإذلال.
تفسير ابن جرير الطبري
يقول أن الله تعالى عبر بقوله “لئن لم تنته” مخاطبا أبو جهل للإبتعاد عن أذى النبي، وقوله “لنسفعا بالناصية” أي يقوم الله عز وجل بأخذه من شعر مقدمة رأسه، ثم يضمه ويهينه، والمعنى المجازي المقصود من الآية: أي يتم تسويد وجهه من كثرة المهانة والإذلال، ويقال أنه اكتفى بذكر الناصية فقط دون باقي الوجه، وذلك لأنها تكفي في المعنى حيث أنها مقدمة الوجه، ومنها قوله تعالى: ” فيؤخذ بالنواصي والأقدام”، أي يؤخذ بناصية وجهه إلى نار جهنم.
تفسير ابن كثير
يقصد الله عز وجل في هذه الآية أبو جهل متوعدا إياه بقوله: ” لئن لم ينته” أي إذا لم يعد إلى رشده ويعود عن ما هو فيه من العناد والشقاق، محذرا إياه بقوله: “لنسفعا بالناصية”، أي ليتم تسويد وجهه يوم القيامة ويهينه ويذله.
تفسير البغوي
عبر الله تعالى بحرف “كلا” ومعناه لا يعلم ذلك، “لئن لم ينته” أي يبتعد عن إيذاء وتكذيب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، “لنسفعا بالناصية”، إلى ليتم جره من مقدمة رأسه إلى نار جهنم ليخلد فيها، كما جاء في قوله تعالى: “فيؤخذ بالنواصي والأقدام”، أي يساقوا إلى النار من جباههم، والناصية هي الشعر الموجود في مقدمة الرأس، و يقال سفعت بالشيء: إذا قمت بجذبه وأخذه بطريقة عنيفة ومهينة.
تفسير لآية في كتاب الوسيط
حذر الله عز وجل في هذه الآية الكافر الطاغي أبو جهل بقوله: “لئن لم ينته لنسفعا بالناصية”، و فيها تعديد لكل من يقوم بنفس فعل أبو جهل ويمتننع عن إتيان الطاعات، ومعنى السفع: أي الأخذ بشدة بطريقة مهينة تحمل كافة معاني الإذلال، و منها قول: سفعت بالشيء أي جذبته بطريقة عنيفه بحيث لا يمكن للمجذوب التفلت أو محاولة الهرب، كما قيل أنها تعني الإحراق، فعندما يقال سفت فلان بالنار فإنها تعني حرقته بها و حولت لون وجهه و جسده إلى لون السواد المحترق، و معنى الناصية أي الشعر المتواجد بمقدمة رأس الإنسان، و المعنى: أنه إذا لم يمتنع هذا الإنسان العاصي عن كفره وضلاله فإنه سيتم قهره و تعذيبه يوم القيامة.
مجلة الأستاذة