![]() |
| تفسير قول الله تعالى أن اعمل سابغات وقدر في السرد |
ورد في كتاب الله العزيز، في سورة سبأ، في الآية الحادية عشر: "أن اعمل سابغات وقدر في السرد"، وفي هذا المقال، سيتم استعراض تفسير هذه الآية الكريمة.
تفسير قول الله تعالى "أن اعمل سابغات وقدر في السرد":
– تفسير الطبري: يفسر الطبري قوله تعالى (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) بأنه أمر من الله تعالى لصناعة السابغات، وهي الدروع الكاملة. وقد أورد قتادة أن معنى (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) هو الدروع، التي كان داود عليه السلام أول من صنعها، وكانت تصنع من صفائح. وذكر ابن زيد أن السابغات هي دروع حديدية.
– ويفسر الطبري (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ). واختلف المفسرون في تحديد معنى السرد هنا. ذهب البعض إلى أنه يشير إلى المسامير المستخدمة في ربط حلقات الدرع. وقد نقل عن قتادة قوله في معنى (السرْدِ): "كان يصنعها بدون نار أو ضرب بالحديد، ثم يسردها. والسرد: المسامير التي في الحلق".
– ورأى آخرون أن السرد هو الحلقات نفسها. ورد عن ابن زيد: "السرد حلقه أي: قدر تلك الحلق". واستشهدوا بقول الشاعر: "أجادَ المُسَدِّي سَرْدَهَا وَأَذَالَهَا". وقال ابن عباس في تفسير السرد: "ثقب الدروع ويسد قتيرها". وأشار علماء اللغة في معنى السرد إلى أن: "درع مسرودة تعني أنها مسمورة الحلق". واستشهدوا بقول الشاعر: "وَعَلَيهِمَــا مَسْــرُودَتَانِ قَضَاهُمَــا".
– وهناك رأي يقول أن الله أمر داود عليه السلام بـ(وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) لأن الدروع آنذاك كانت تصنع من صفائح. وورد عن قتادة: "كانت صفائح فأمر أن يسردها حلقًا". وفسر (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) بأن: "قدر المسامير في حلقات الدروع بحيث لا تكون المسامير غليظة فتفصم الحلقات، ولا تكون رقيقة فتنزلق من الحلقات".
– ونُقل عن مجاهد قوله في معنى (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ): "قدر المسامير والحلق؛ لا تدق المسامير فتنزلق ولا تجلها". وأضاف: "ولا تصغر المسمار وتعظم الحلقة فتنزلق، ولا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فيفصم المسمار". وروي عن الحكم: "لا تغلظ المسمار فيفصم الحلقة ولا تدقه فيقلق".
– يفسر الطبري (وَاعْمَلُوا صَالِحًا) بأنه دعوة من الله لداود عليه السلام، بعد أمره بالعمل، إلى فعل الصالحات. وأما (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فتعني أن الله تعالى يعلم خفايا النفوس وسيجازي عليها.
– تفسير ابن كثير: يوضح ابن كثير أن معنى (أن اعمل سابغات) هو صناعة الدروع. وروى عن ابن شوذب: "كان داود عليه السلام يرفع في كل يوم درعًا فيبيعها بستة آلاف درهم: ألفين له ولأهله، وأربعة آلاف درهم يطعم بها بني إسرائيل خبز الحوارى". ويوضح أن (وقدر في السرد) هو تعليم من الله لداود عليه السلام لآلية صناعة الدروع. وأشار إلى أن السرد قد يعني المسامير أو الحلقات.
– دعا داود عليه السلام ربه لتعليمه عملًا يعيل به أسرته، فاستجاب الله له، وألان له الحديد، وعلمه صناعة الدروع. وكان داود عليه السلام أول من ابتكر هذه الصناعة، فكان يصنع الدروع، ثم يبيعها، ويتصدق بثلث ثمنها، وينفق ثلثًا على أهله، ويتصدق بالباقي يومًا بيوم، ثم يعود لصنع دروع أخرى.
.webp)
تعليقات
إرسال تعليق