الإمتنان..... الخصلة المنسية
قلما نتذكر فضل الله ومنه علينا، ووجوب شكرنا على عطاياه التي لا تعد ولا تحصى.سطوري هذه لتذكير نفسي أولا ولمحاولة تذكير غيري بهذه العبادة المنسية.
الإمتنان..... الخصلة المنسية
لقد حبانا الله بنعم لا تعد ولا تحصى {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } سورة النحل، الآية: 18 ، ولله الحمد ، رغم تقصيرنا فيى حمده و شكره عليها, إلا أن الأدهى والأمر هو أننا نألف هذه المنن والعطايا لدرجة أننا نغفل عليها فتصبح لدينا من المسلمات، ثم نجد الكثير منا هدانا الله واياكم، يقول انا ليس لدي شيئ ، أنظر فلان عنده كذا وفلان عنده كذا، وأنا ليس عندي شيئ، فنجحد بنعم الله علينا ، فأسوء ما فينا ليس أننا لا نتمتع بكثير من النعم، بل أننا نتعود عليها ، أتذكر في هذا السياق يوما نقاشا دار بيني وبين إحدى صديقاتي ، لا أعلم وقتها ما الأمر الذي أحزنها فهي لم
تبح لي بشيئ ، إلا أنها قالت أمرا خطيرا وهو أنا ليس عندي شيئ ،فقلت لها لا تقولي هذا ، ولو عددت نعمة الله لن تحصيها، فها أنت تستمتعين بكامل صحتك وعافيتك، بينما يتقطع غيرك ألما في المستشفيات، فعقبت مسرعة ، وماذا بعد هذا كل ما لدي، فقلت لها بداية لا تعتبري نعمة الصحة شيئا بسيطا فالصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه إلا المرضى"، ثم لا تعتبري الصحة الكاملة نعمة واحدة، فالبصر نعمة والسمع نعمة والحركة نعمة والعقل نعمة ، ،الى اخره من النعم التي لم ولن نفي الله حق شكره وثنائه عليها، ثم قلت لها لديك عائلة، بينما الكثير غيرك يحلم بحضن دافئ ويد حنونة تطبطب عليه وتغمره بالعطف والحب ،وهكذا دواليك ،ولو فكرت صديقتي وجميع الناس بهذا المنطق، لوجدنا أنفسنا مفرطين كثيرا في جنب الله ولم نشكره حق شكره على مننه علينا. الخطأ الذي يقع فيه معظمنا هو أننا نعتقد أن النعم لا بد وأن تكون مادية كأن نمتلك بيتا او سيارة أو حسابا بنكيا ، او ربما سفريات وملابس وكل ما هو مادي.... والحقيقة أن النعم الغير ملموسة هي الاغلى والاكثر قيمة في حياتنا إلا أننا نتعود على تواجدها فننساها، فيذيقنا الله طعم نقصانها أو فقدانها، ثم فجأة نحس بقيمتها و نقدر حجم اهميتها في حياتنا، فمثلا، لا يقدر الكثير منا نعمة الصحة والعافية، وعندما نمرض فقط بالحمى او الزكام ( وهي على كل حال امراض بسيطة) ، نحس بقيمة الصحة وأهميتها ونطلب الله أن نعود مثلما كنا ،وكثير منا يصبح من الحامدين الشاكرين بعد الضيق والأزمات. وأتذكر يوما عندما قرأت كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام لهيلين آدمز كيلر ، وهي كاتبة كفيفة، انه حقا كتاب قصير وبسيط، ولكنه علمني أمرا غاية في الأهمية وهو الإحساس بقيمة النعم والامتنان لامتلاكنا لها، فها هي تتمنى فقط لو أنها تبصر ثلاثة أيام لترى ما حولها من أحباب ومن جمال الكون والطبيعة،وها هي تعاتب المبصرين على عدم تقديرهم لهذه النعمة، وتستغرب من كيف لا يلقي المبصرون بالا لتفاصيل تعتبرها غاية في الأهمية، كوجوه الأحبة وألوان الطبيعة...إلخ.
ديننا الحنيف يحثنا دائما على شكر نعم الله علينا، بما يضمن حفاظنا عليها وبقاءها في حياتنا ،بل وزيادتها، وقد ذكر هذا الامر في سياق آيات كريمة عديدة، ندرج منها قوله تعالى في سورة إبراهيم ، الآية 07 : ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾،وفي سورة البقرة ، الآية 172: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ ، وما جاء كذلك في سورة النحل ، فقد قال تعالى في الآية 14:
﴿ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ ، كما جاء في الآية 78 قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ وفي الآية 114 من نفس السورة ، قال الحق جل في علاه: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾. وكذلك لم تغفل السنة النبوية الشريفة عن تنبيهنا الى هذه العبادة - وهي شكر الله وحمده على النعم - ، ومما جاء في أحاديث نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد قوله عليه الصلاة والسلام : [ لا يرزق الله(عز وجل) عبدا الشكر فيحرمه الزيادة؛ لأن الله(عز وجل) يقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم)] ، وقوله [ عليك بالدعاء؛ فإنك لا تدري متى يستجاب لك، وعليك بالشكر؛ فإن الشكر زيادة ]، وكذلك قوله عليه أفضل الصلاة والسلام:[ لا يغرنكم من ربكم طول النسيئة وتمادي الإمهال وحسن التقاضي؛ فإن أخذه أليم وعذابه شديد؛ إن لله تعالى على نعمه حقا وهو شكره، فمن أداه زاده، ومن قصر فيه سلبه منه؛ فليراكم الله من النقمة وجلين كما يراكم بالنعمة فرحين]، وإلى غيرها من الآيات والأحاديث التي توصينا بضرورة حمد لله وشكره على عاطاياه التي لا تعد ولا تحصى. فلنسأل أنفسنا ترى كم نحن مقصرين في حق الله تعالى في حمده وشكره؟وكم ننسى هذا الواجب تجاه خالقنا علينا؟ نسأل الله أن لا نكون من الجاحدين القليلي الشكر، وبجعلنا من الحامدين الشاكرين في السراء والضراء.
