معنى الرفق
الرفق في الأمور ونقول الرفق بالانسان وهو اللين وتيسير الأمور، فإن صفة الرفق هي من الصفات الحميدة وهي من الأخلاق الإسلامية، وتعتبر هذه الصفة من صفات الكمال، وإن ربنا سبحانه وتعالى يحب أن يتصف عباده بصفة الرفق فالله سبحانه وتعالى هو الرفيق، وقد حثنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام على الاتصاف بهذه الصفة فقد نقلت السيدة عائشة هذا الحديث الشريف، وهو من مصدر صحيح مسلم وخلاصة حكم المحدث فيه صحيح وسنتطرق إلى هذا الحديث في هذه المقالة.
معني حديث ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولاينزع من شيء إلا شانه
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت : [إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه] (رواه مسلم: 2594)
معنى هذا الحديث أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه أي هو سبب لكل خير، فإن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن صفة الرفق لا يكون في شيء إلا وأن يكون قد زانه أي عمل على تزيينه وجعله حسناً جميلاً، ولا يُنزع من أي شيء إلا وقد شانه أي عمل على جعله قبيحاً وعابه، وإن الراوي زاد في الحديث فوصف وقال بأن السيدة عائشة قد ركبت بعيراً فكانت تعاني من صعوبة فيه فجعلت تردده أي تدفعه بشكل عنيف وقوي، فأمرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تتحلى بالرفق فقال لها عليه الصلاة والسلام: عليكِ بالرفق، ثم ذكر الحديث الشريف، فكانت مناسبة هذا الحديث هو الموقف الذي رآه سيدنا محمد من السيدة عائشة عند ركوبها البعير.
إن الله رفيق يحب الرفق صحيح مسلم
فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”إن الله رفيقٌ يحبٌ الرفق في الأمر كله» متفق عليه”، وقد نقلت السيدة عائشة عن رسولنا الكريم أنه قال:(إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه) رواه مسلم.
فقد شرح ابن القيم رحمه الله الحديث الشريف وبين أن من أسماء الله سبحانه وتعالى هو الرفيق فهو يحب أهل الرفق ويعطيهم بالرفق كل الأمان، وكما أسلفنا سابقاً أن معنى الرفق يتجلى بالتأني في الأمور والتدرج بها، وكلمة الرفق هي عكس العنف التي تعني الشدة والاستعجال وهناك قصص عن الرفق بالانسان.
إن الله تعالى هو الرفيق في أفعاله حيث أنه قد خلق المخلوقات جميعها بشكل تدريجي شيئاً فشيئاً ويعود ذلك لحكمته عز وجل مع أنه قادر على أن يخلق مخلوقاته دفعة واحدة وفي اللحظة نفسها، فهو سبحانه وتعالى رفيق في أمره، ورفيق أيضاً في نهيه، فهو الذي يرحمنا ولا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة دفعة واحدة، بل يعمل عز وجل على التدرج معهم من حال إلى حال آخر حتى تتعود عليها نفوسهم وتألفها طباعهم وتأنس إليها، كما فعل الله تعالى عند تحريمه للخمر والربا وغيرهما.
ما حكم الرفق
إن الإنسان المتأني الذي يأتي الأمور بشيء من الرفق و السكينة، ويتصف بهذه الصفة اتباعاً لسنن الله واقتداء برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام فهنا يؤجره الله وتتسير أموره وتتذلل صعابه، وخاصة إذا كان ممن يعمل على التصدي لدعوة الناس إلى الحق فهو يعمل على استشعار اللين والرفق كما قال الله تعالى{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} فإن حكم الرفق واجب يجب أن تكون هذه الصفة عند كل مسلم.
ونجد أن الله تعالى ذكر في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحمل الرفق فقد قال تعالى{فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}، فإن في هذا الكلام الكثير من اللطف في القول و سهولته وهو يبتعد عن الفظاظة بعداً تاماً، فقد جاء كلام الله عز وجل بــ هل التي تدل على العرض والمشاورة وتدعو إلى التزكي وتطهير النفس من الأدناس التي تكون أصلها في التطهير عن الشرك، وهذا الكلام المحمل بالرفق في القول يقبله أي شخص عاقل سليم، فإن الله لم يقل أزكيك بل قال تزكى أي أنت بنفسك، ثم دعاه الله سبحانه وتعالى إلى سبيل الله وسبيل الصراط المستقيم، فالله سبحانه وتعالى هو الذي رباه وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة، والتي يجب أن تقابل بالشكر.
ما صفات الشخص المصلح
وإن الرفق في الحقيقة لا يعتبر أمراً يتعلق بالإستجابة لموقف محدد بحيث أن المصلح يصبر فيه ويحتسب، بل يتجلى معنى الرفق في أنه صفة عميقة في النفس، حيث أن هذه الصفة تعمل على التأثير في أصل معاملة الشخص للناس، بالإضافة إلى أنها تؤثر في طبيعة نظرة الفرد للمواقف والنتائج، فإذا تحلى الشخص بشخصية المصلح وتميز بصفة الرفق فهذا الخُلُق يكون أساسي وليس فقط مواقف معينة يلتزم فيها بالرفق، فإن الشخص المصلح يقوم بما يلي:
يكون خطابه مع الناس لطيفاً حيث أنها يختار أجمل وأحسن وأرق الكلمات.
يعمل على الصبر على أذى الناس وتغلب عنده صفة العفو والصفح.
يعمل على مراعاة احتياجات الناس ويحاول مساعدتهم.
يتدرج مع الناس في جانب التعليم وبالتالي يسعى إلى الإصلاح الدائم بين الناس.
يتجنب كل الأمور التي ممكن أن تزرع الشقاق والخلاف بين الناس.
يحاول تقريب النفوس بين الناس وجمع الكلمة.
يتعالى عن المصالح الشخصية والحظوظ التي تعود بالنفع عليه فهي في نظره أمور ضيقة.
يعمل على الموازنة بين المصالح والمفاسد، فمن يرى نفسه أن لدعوته أثراً فعالاً في الإصلاح وأثراً بيناً عند الناس، فلا يتردد في هذا الأمر فالله يعطي على الرفق مالا يعطي على غيره.
الرفق بالحيوان في الإسلام
لقد تميز ديننا الإسلامي في الاتصاف بالرحمة، فقد جاء بأحكام عديدة توضح حدود التعامل مع الحيوان، وإن المسلمين عرفوا الرفق بالحيوان وعملوا على تطبيقه في حياتهم كان هذا التطبيق في زمان كانت حقوق الإنسان فيه منتهكة حيث أن كان هناك الاستعباد والقهر بالإضافة إلى الوأد وغير ذلك.
وشمل الدين الإسلامي الحيوانات جميعها الغير المؤذية فهو لم يقتصر على الوصية بحيوان معين دون غيره، وقد ورد عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أحاديث نبوية تدل على الرفق بالحيوان، وسنسرد بعض الأمثلة التي تدل على الأصل الهام في الإسلام فمن هذه الأمثلة:
يجب القيام على الحيوان بما يفيده فقد ورد الحديث الشريف عن سهل عن سهل ابن الحنظلية قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهرُه ببطنه، فقال: (( اتّقوا الله في هذه البهائم المُعْجَمة، فاركَبُوها صالحةً، وكُلُوها صالحةً )) رواه أبو داود، وقوله (( قد لَحِق ظهرُه ببطنه )) أي: من الجوع، ويتجلى معنى الحديث أن خافوا الله تعالى في هذه الحيوانات والبهائم التي لا تنظق فنسنُسأل إذا تعرضت لجوع أو عطش أو تعب.
يجب أن ينفق المالك على حيوانه فهنا ورد الحديث الشريف عن رسولنا الكريم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (( عُذِّبت امرأةٌ في هرَّة ربطَتْها حتى ماتت، فدخلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطعمَتْها ولا سقَتْها إذ حبسَتْها، ولا هي تركَتْها تأكل من خَشَاش الأرض )) رواه البخاري ومسلم.
وجوب الإحسان إلى الحيوان عن طريق إطعامه وشربه فإن هذا الأمر يسبب مغفرة للذنوب.