معنى اشر خلق الله ذو الوجهين
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف «مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ:» . في الحديث الشريف تحذير من أصحاب الوجهين ، فهم الذين يتعاملون مع كل مجموعة من البشر بوجه و طبع مختلف تماما عن الآخر .
و ذلك لسببين أما أن يتجسس أم يرضي جميع الأطراف لذلك فهناك مقارنة بين ذي الوجهين و من يريد الإصلاح بين الناس ، فإذا كان للتجسس فهي تعتبر من صفات المنافق الذي يتعامل بعدد من الشخصيات . فلو أن طائفتين من البشر اختلفوا فيما بينهم قام المنافق بالتجسس على كلاهما من خلال أخبارهم أنه محايد لهم ، و هو على عكس ذلك تماما
و وصفه الرسول بأنه أشر الناس ، و صفات الشخص ذو الوجهين تتلخص في النفاق و الكذب و الخداع و التحايل ، و الاطلاع على أسرار الناس حيث أن هناك أيضا العديد من ال عبارات عن الشخص أبو وجهين ، و هي أيضا مداهنة محرمة ، و لقد قابلنا هذا النوع في مجتمعنا اليوم و هم الذين يصفهم الرسول بأنهم أشر الناس حيث تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين
شرح ارشادات و فوائد حديث ذي الوجهين
هناك عدد من الإرشادات التي لابد و أن نتبعها في الدين الاسلامي . و ذلك بالطبع لكي نحيا حياة كريمة ، فلم يمنع الرسول شئ عنا إلا و فيه أذى كبير لنا و لمجتمعنا . و لعل من أهم هذه الإرشادات ما يلي :-
تجنب التعامل مع ذي الوجهين
كلما كبرنا كلما زاد حرصنا و تفكيرنا مع تجاربنا في الحياة الدنيا و بالطبع مثلما قابلت الصالحين في الحياة ، فإنك بالتاكيد قد قابلت من هم تركوا أثراً سيئا في حياتك ، و منهم المنافقين المتلونين بشخصيتين في شخص واحد فقط .
و لقد وصل بنا الحال أن أصبح هناك من يغير في شخصيته كل ساعة. فهم بالكاد قد تفوقوا على الممثلين ، و على أثر ذلك يقومون بذلك العمل المشين ، من أجل غرض معين مثل النصب أو الأحتيال أو الأنتفاع أو المصلحة الكاذبة .
و يحكى أن الرسول صلى الله عليه و سلم ذكر أن الأخنس بن شريق ، قد جاء الي الرسول صلى الله عليه سلم ، و قد أعلن إسلامه فأظهَر له الإسلام ، فأعجبَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- منه، و قال: إنما جئتُ أريد الإسلام، و الله يعلَمُ أنِّي صادق.
و لكن من الغريب في الأمر بعد ذلك أنه عندما خرج من عند الرسول قد مر على زرع يخص جماعة من المسلمين، فأحمر الزرع و أحترق . و بعدها أنزل الله سبحانه و تعالى الآية الكريمة ( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: 204
و قد حذرنا الله سبحانه و تعالى أيضا من التعامل مع المنافقين ، و وصفهم بأنهم ألد الخصام لما يحملوا في نواياهم من الشر على عكس ما يظهرون لك فقد يأتوا اليك ، بوجوهم المبهجة و السرور و الحب يملئهم .
و لكنهم في الحقيقة ، قد يحملوا من الكره و البغض أطنانا ، فإذا تسائلت عن السبب الذي قد يدفع مثل هؤلاء الأشخاص في أنهم يتصنعون هكذا ، ستجد أن المنفعة و الإنتهازية و الوصول إلي الغرض هو من أهم أسباب تكون هذه الشخصية المزيفة .
فهو يعرف تماما ما هي الشخصية المناسبة لهذا الغرض ، فلقد قالوا من قبل في أمثلة المنافقين : كان عبدُالملك بن مروان مغرم جدا بالشعر ، فأهتم المنافقون من حوله بقراءة الشعر و روايته ، فلما جاء الوليد بن عبدالملك كان يُحبُّ البناء و المعمار، فأهتم المنافقون بالبناء و العمارة ليتقرَّبوا منه .
فلابد أن نعلم جميعا أنها آفة ضارة جدا بالمجتمع ، و تهدد بقاء المجتمع من حولنا ، فعلى مدار التاريخ، كم من أمة نشبت فيها الخلافات التي لا تنتهي . و أنتشرت فيها المشاكل مثل إنتشار النار في الهشيم
و كم من أسرة أنكشفت أسرارها للناس و أصبحت تتدوال بين ألسنتهم ، و كم من مشاكل و خلافات و فتن ظهرت في وقتنا الحالي بين الأديان و بعضها . فهي كارثة بالفعل ، أن تتحدث إلى شخص بشخصية مختلفة عن الظاهرة أمامك
الدين الاسلامي يسد كل طرق الوقيعة بين المسلمين
لقد أهتم الدين الاسلامي بسد جميع الطرق التي من الممكن أن تؤدي إلى حدوث الفتنة بين المسلمين ، و ذلك من خلال الحديث الشريف ، فقد حذرنا الرسول صلى الله عليه و سلم من بعض صفات الناس من حولنا .
و أهمها المنافق الذي تم ذكره مرات كثيرة للتحذير من التعامل معهم في عدد من الأحاديث منها ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، و إذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر ) ، ذلك لأن المنافق من أكثر الشخصيات التي تخدعك في التعامل معها ، و على ذلك فقد حذرنا الرسول الكريم و القرآن الكريم من التعامل معه
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ[النساء:142-143] و هذه أيضا من صفاتهم، كالخداع و المكر و العدوان على الناس.
حرص الدين الإسلامي على المحبة بين المسلمين
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، فقد حرص الدين الاسلامي على وجود المحبة بين المسلمين ، و وصفهم بأنهم أخوة لا شئ يفرقهم ، و لا يقف أمامهم ، على ذلك فإن أعظم مقاصد الدين الاسلامي ، هو تحقيق المحبة بين المسلمين ،
فقد حذرنا الرسول صلى الله عليه و سلم من التعامل مع المنافق ذو الوجهين ، لأنه يستطيع أن يفرق بين المسلمين في العديد من التعاملات الاجتماعية مثل تحريف الكلام من طائفة إلى أخرى .
يستطيع الإنسان أن يخادع الناس ليس الله
فالله سبحانه تعالى أقرب إلينا من أنفسنا ، يعلم ما يدور بالصدور و هو الأعلى و الأعلم و المتطلع بالنوايا ، فسوف نجد المنافق صاحب الوجهين يخدع البشر من حوله لكن لا يستطيع أن يخدع الله مهما فعل .
فهو يعلَمُ خائنةَ الأعين حيث يقول الله جل من قائل ﴿ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ ﴾ [المائدة: 61]. و يقول الله ايضا إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ فالله سبحانه تعالى يعلم حكم من يعمل عمل ذي الوجهين و كيف يعاقبهم في الوقت المناسب لأنهم يسعون في الأرض فسادا بين الناس ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ )
خلق التفريق بين المسلمين
و قد نجد فالمجتمع الإسلامي أنه قد تجزأ إلى جماعات و أحزاب و طوائف عديدة ، بسبب المنافقين . و قد كثر النهي في القرآن و السنة عن التفرق حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[الأنعام: 159].
فالخلاف يؤدي إلى الفُرقة ، و يقول الله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) و الفرقة سوف تؤدي إلى الضَّعف، و الضعفُ يجذب الأعداء نحوكم ، و للمنافق أكبر السبب في الفرقة و التفريق بين المسلمين ، لذلك لابد من الحذر في التعامل من المنافقين