إن المصدرين الرئيسيين للتشريع الإسلامي هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ؛ حيث أن سيرة النبي صلّ الله عليه وسلم من أوضح سير الرسل والأنبياء عليهم السلام ، ولقد حملت خصائص السيرة النبوية الشريفة أقوى المعاني وأسمى الأهداف ، وذلك لأنها وردت لتمحو الظلمات والجهل من خلال مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم المختلفة مع زوجاته وصحابته وأهله وكل من التف حوله حتى مواقفه المختلفة من الكفار ، لقد جاءت السنة النبوية لتكون نور وهدى ورحمة مع القرآن الكريم.
تعريف السنة النبوية
تُعرف السُنة لغويًا بأنها المنهج والسبيل سواء كان سبيل محمود أو مذموم ، أما سُنة الله فهي تشير إلى أحكامه وأوامره ونواهيه ، وكلمة السُنة لدى علماء الحديث عُرفت اصطلاحًا بأنها كل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أفعال دون أن يدل على وجوبه دليل ، وورد تعريف السُنة لدى المحدثين بأنها كل ما تم نقله عن النبي صلّ الله عليه وسلم من أفعال وأقوال وتقارير ؛ بالإضافة إلى صفاته الخَلقية والخُلقية سواء كان قبل البعثة أو بعدها ، ومما ورد عن فضل السنة النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم “يوشكُ أحدُكم أن يُكذِّبَني وهو متكئٌ يحدثُ بحديثي فيقولُ : بيننا وبينَكم كتابُ اللهِ ، فما وجدنا فيه من حلالٍ استحللناه وما وجدنا فيه من حرامٍ حرمناه ، ألا إنَّ ما حرمَ رسولُ اللهِ مثلُ ما حرم اللهُ”.
أبرز خصائص السنة النبوية
تتميز سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعديد من الخصائص التي تنفرد بها ، ومنها :
تُعتبر السنة النبوية وما ورد بها هي أصح تاريخ لرسول أو نبي ؛ حيث أنها وردت مؤيدة بالقرآن الكريم ، كما أنها نُقلت من مصادر موثوقة وهم الصحابة والتابعين ؛ حيث أنهم قاموا بنقلها بالتواتر بكل أمانة وصدق
تميزت السنة النبوية بالمنهج الوسطي ؛ بحيث لا يوجد غلو ولا تقصير ؛ ولا إفراط ولا تفريط ، كما اتسمت بالسهولة واليسر وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” يسِّروا ولا تعسِّروا ، وبشِّروا ولا تنفِّروا”
ما ورد في السنة النبوية كان عبارة عن نموذج تطبيقي لما جاء به القرآن الكريم ، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”
جاءت السنة النبوية لتكون المصدر الثاني للتشريع والمعرفة الصحيحة في الإسلام بعد القرآن الكريم ، وقد قال الله تعالى “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”
ما ورد في السنة النبوية هو عبارة عن قرارات قد نبعت من الظرف الموضوعي الذي كان يعيشه المجتمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
وردت السنة النبوية كاجتهاد في مسألة تقييد الحلال والذي لا يكون بحاجة إلى وحي
جاءت أيضًا كاجتهاد تقييدي خاص بالحلال المطلق والذي قد يأتي نتيجة لتغير الظروف الموضوعية
تتميز السنة النبوية بالوضوح والشفافية ؛ حيث وردت جميع أحداثها بشكل دقيق ومفصّل دون غموض ، وقد ذُكرت بالتفصيل منذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى وفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى
توضح السنة النبوية شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته الحميدة
تشمل السيرة النبوية كل نواحي الحياة مثل العلاقات الاجتماعية والإنسانية والتفاصيل الخاصة بالحياة الزوجية والميراث والعلاقات التجارية
تميزت الأحداث الواردة بالسنة النبوية بواقعيتها ومنطقيتها ؛ حيث لم تأتِ بمظهر مخالف أو بشكل أسطوري ؛ بل إنها جاءت واقعية برغم ما تحمله من معجزات وانتصارات.